للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقربى هم العشيرة؛ وذلك لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: "لما نزلت هذه الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (١) قال: جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا ... " (٢)، وفي هذا دليل على أن العشيرة الأقربين هم أهل البيت، وأنهم يتجاوزون الزوجة والأولاد إلى ما وراءَهم، ودعوة الأقارب لها تأثير قوي؛ فقد دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أول ما دعا زوجته خديجة وابن عمه علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -، كما دعا عمه أبا طالب إلا أنه لم يستجب له، وكان لعامل القرابة دور في هذه الدعوة.

وقد استخدم هذه الوسيلة أكثر الصحابة ممن وصلتنا أخبارهم، أو من لم تصلنا، إلا أن أهل بيتهم قد أسلموا، فهذا دليل أن للقرابة دوراً في إيصال الدعوة إلى داخل بيوتهم.

ومن هؤلاء الصحابة الذين جعلوا من القرابة وسيلة للدعوة دعوة أم حكيم - رضي الله عنها - لزوجها عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنه - فكانت تبدؤه بقولها: "يا ابن عم" (٣)، وهذا فيه تذكير بمدى القرابة بينهما لكي يستمع لقولها. وأيضاً دعوة الطفيل بن عمر لأبيه وزوجته في أول من دعا، وقد أسلما من أول دعوته لهما لأنه أول ما قال لهما: "لست منك ولست مني"، وهذا فيه إشارة إلى أن بقاء القرابة لن يكون إلا بالإسلام وقبول


(١) سورة الشعراء، الآية: ٢١٤.
(٢) انظر الحديث في المسند، الإمام أحمد، مسند علي بن أبي طالب، رقم ٨٨٣، ١/ ٣٢٤.
(٣) قولها "يا ابن عم" لأنها أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبدالله، وعكرمة هو ابن عمر بن هشام بن المغيرة بن عبدالله، فهو ابن عم لها وزوجها. (انظر: الاستيعاب، ابن عبدالبر، ص ٥٢٤، ٩٢٨).

<<  <   >  >>