للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبت فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اهد دوساً وأت بهم" (١)، ثم قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم (، فرجع ودعاهم ورفق بهم حتى نزل المدينة ومعه سبعون أو ثمانون بيتاً من دوس (٢)،

وفي قصة عروة بن مسعود - رضي الله عنه - من الحلم ما كان سبباً في الصلح بين قومه وإسلام عشيرته الأقربين، وذلك أنه لما أسلم عروة - رضي الله عنه - استأذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع إلى قومه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني أخاف أن يقتلوك (، قال: لو وجدوني نائماً ما أيقظوني، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إلى قومه مسلماً فقدم عشاءً فجاءته ثقيف فدعاهم إلى الإسلام وآذوه ونالوا منه فحلم عنهم، فخرجوا من عنده يأتمرون عليه حتى طلع الفجر فقام في داره فأذن فخرجت ثقيف إليه فرماه أحدهم فأصابه في أكحله ولم يرقَ دمه، فلبس قومه السلاح وحشدوا وطلبوا الثأر له، فلما رأى عروة بن مسعود ما يصنعون قال: لا تقاتلوا فيَّ، قد تصدقت بدمي على صاحبه، لأصلح بذلك بينكم، فهي كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليَّ، وأشهد أن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخبرني أنكم تقتلوني، ثم طلب أن يدفن مع الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يرتحل عن الطائف، وبسبب ذلك لحق ابنه أبو مليح بن عروة وابن أخيه قارب بن الأسود بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسلما (٣).

فالحلم كان وسيلة لتبليغ الدعوة منذ وصوله إليهم وحتى مماته - رضي الله عنه - فدعا قومه وأصلح بينهم وأسلم نفر من عائلته، وكل ذلك بخلق كريم ألا وهو الحلم.


(١) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم، رقم ٢٩٣٧، ص ٤٨٥.
(٢) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٣٥٤ ..
(٣) انظر: الطبقات الكبرى، ابن سعد، ٥/ ٥٠٣ - ٥٠٤.

<<  <   >  >>