للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (١)، يقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية: "إن هذا دليل عقلي قاطع على أن كل مَنْ سِوى الله فعبادته باطلة" (٢).

وقد كان للأسلوب العقلي تأثير قوي مع المشركين، يقول الدكتور محمد النبهان: "إن ظاهرة الوحي لدى المشركين لم تكن مرفوضة، بل كانوا يراقبون هذه الظاهرة بدقة وبمعيار عقلي واضح رغم محاربتهم لما جاء به الوحي" (٣).

ولأنه لا يستطيع أحد أن ينكر الحجج العقلية حتى وإن كانت غير موافقة لهواه، فإن تأثيرها يبقى في قلب وعقل من أنكرها استكباراً، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (٤).

وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسلوب الإقناع العقلي في كثير من المواقف، ومنها حديث الشاب الذي أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: (ادنُ (، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: (أتحبه لأمك؟ (قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم (، قال: (أتحبه لابنتك؟ (قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم (، قال: (أفتحبه لأختك؟ (قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأخواتهم (، قال: (أفتحبه لعمتك؟ (قال: لا والله، وجعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لعماتهم (، قال: (أفتحبه لخالتك؟ (قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه


(١) سورة الأحقاف، الآية: ٤.
(٢) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٦١٩.
(٣) المدخل إلى علوم القرآن الكريم، محمد فاروق النبهان، ص ٣٩، (بتصرف).
(٤) سورة النحل، الآية: ١٤.

<<  <   >  >>