للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عامة مجنسة (١)، وقد يخصص الصحابة بوعد المغفرة تفضيلاً لهم" (٢). ويقول الشيخ السعدي: "إن الله - سبحانه وتعالى - يخبر في هذه الآية بأن أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار أنهم بأكمل الصفات وأجل الأحوال؛ فالصحابة - رضي الله عنهم - الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح قد جمع الله لهم بين المغفرة التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة والأجر العظيم في الدنيا والآخرة" (٣).

ب) ما رود في فضل الصحابة - رضي الله عنهم - من السنة النبوية:

لا تخلو سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ذكر لأحد الصحابة أو جميعهم سواء كانوا رواة لهذه السنة أو حضوراً أو وردت في شأنهم أحاديثها، ومن هنا فإن علاقة الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين بالسنة والحديث الشريف علاقة تلازم، فيكفيهم فضلاً أنهم هم من روى هذا الحديث ونقله إلى من بعدهم حتى وصل إلينا كما هو، وفي هذا المبحث سوف نذكر بعض الأحاديث التي تطرقت لفضل الصحابة


(١) الجنس أعم من النوع، وهو كل ضرب من الشيء، ومن الناس، ومن الطير، و"منهم" في هذه الآية: يقصد بها الجنس، كقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} (الحج: ٣٠)، لا يقصد للتبعيض، لكنه يذهب إلى الجنس، أي فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان؛ إذ كان الرجس يقع من أجناس شتى، منها الزنى والربا وشرب الخمر والكذب، فأدخل "من" يفيد بها الجنس، وكذا "منهم" أي من هذا الجنس، يعني جنس الصحابة، ومن هذا أيضاً قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} (الإسراء: ٨٢)، معناه: وننزل القرآن شفاء؛ لأن كل حرف منه يشفي، وليس الشفاء مختصاً به بعضه دون بعض. (انظر: تاج العروس، الزبيدي، ١٥/ ٥١٥، والجامع لأحكام القرآن، القرطبي، الجزء الثالث، المجلد الثامن، ص ٤٣٦).
(٢) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، الجزء الثالث، المجلد الثامن، ص ٤٣٥ - ٤٣٦.
(٣) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٩٣٨ - ٩٣٩.

<<  <   >  >>