فمن هنا يجب على الداعية أن يغتنم كل فرصة تسنح له، وأن يستعد لها بما يستعد له الدعاة من تجهيز أنفسهم بالعلم والجهد والوقت، بل يجب عليه أن يبحث عن هذه الفرص ويبحث عن مكانها وزمانها وجميع أحوالها، فقد دعا يوسف - عليه السلام - وهو في السجن، وقد دعا الغلام من أصحاب الأخدود وهو مصلوب على جذع ليقتل (١).
وذلك بيان أن سوء حال المدعو لا يمنع من الدعوة، ولا يحول دونها، فكان بلال بن رباح - رضي الله عنه - يُعذَّب وهو يقول:"أحد أحد"، ويوصلها لأسماع المشركين، فإذا كان هذا الحال في مواقف الشدة، فكيف الحال والفرص في الرخاء والاطمئنان.
ففي دعوة الصحابة ومنهجهم توظيف واستثمار لكل طارئ وفرصة تسنح، وضربوا بذلك القدوة لكل من يقوم بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله بأن الداعية يجب أن يكون كيِّساً فطناً، لما يخدم الدعوة ويدافع عن الإسلام.
(١) انظر قصة الغلام في: صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام، رقم ٧٥١١، ص ١٢٩٧.