للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه مما جعله يقول: "ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ((١).

وهذه الطريقة التي انتهجها صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة أصلها في كتاب الله ومؤيدة به، سواء كان سابقاً لها أم سابقة له، إلا أنها تعدُّ قاعدة وتأصيلاً لعمل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالإضافة للآية السابقة فإن هناك آيات أخرى تؤيد هذا الأساس منها قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (١٠٥) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (٢).

وفي هاتين الآيتين يتضح لنا عدة فوائد اعتمد عليها الصحابة - رضي الله عنهم - في دعوتهم، فالفائدة الأولى: هي إيمان الصحابة أن هذا القرآن حق من عند الله وما فيه حق، وأنه أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}، يقول الإمام الطبري: "أنزلناه نأمر فيه بالعدل والإنصاف والأخلاق الجميلة والأمور المستحسنة الحميدة، ونزل من عند الله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ((٣)، وعند القرطبي: "أوجبنا إنزاله بالحق ونزل فيه الحق" (٤)، "وقد وصف القرآن بصفتين عظيمتين كل واحدة منهما تحتوي على ثناء عظيم وتنبيه للتدبر فيهما، فالحق في الأولى الثابت الذي لا ريب فيه ولا كذب، فهو كقوله تعالى:


(١) السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٣٢١.
(٢) سورة الإسراء، الآيتان: ١٠٥ - ١٠٦.
(٣) جامع البيان، الطبري، ٧/ ٥٠٧.
(٤) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، الجزء الثاني، المجلد الخامس، ص ٤٧١.

<<  <   >  >>