للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (١)، فسعى - صلى الله عليه وسلم - في نشر هذا الدين، وقيض الله له صحابته؛ ليكونوا الدعاة والمبلغين لرسالته - صلى الله عليه وسلم -، فهم الذين ساروا على نهجه حتى بلغت الدعوة ما بلغت على أيديهم - رضي الله عنهم -، في حياته - صلى الله عليه وسلم - وبعد مماته، ولم تكن هذه الدعوة تخص فرداً دون آخر، أو ديناً دون دين، أو عرقاً دون عرق، فقد كانت دعوة شاملةً عالميةً، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٢). فكان الصحابة - رضي الله عنهم - يدعون أقوامهم من المشركين الوثنيين، فغالبية الصحابة كانوا قبل إسلامهم مشركين من أهل الأوثان، إلا من كان كتابياً أو وُلد في الإسلام، ومن هذا كان لدعوتهم هذه الفئة دور كبير، وتأثير عميق؛ مما جعل الأفواج تدخل في الإسلام بسبب الدعوة إلى الله بالطريقة الصحيحة، ولم يقفوا بالدعوة عند التعريف بالإسلام فقط، بل تعدوا ذلك إلى التأثير على المدعوين بالأخلاق، وحسن المعاملة، ولين الجانب، ومن ذلك ما ورد في قصة إسلام أسيد بن الحضير، وسعد بن معاذ، ودعوة أبي ذر لحويطب بن عبدالعزى، ودعوة أم سليم لأبي طلحة، إضافةً إلى ما قاموا به - رضي الله عنهم - بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من جهود في الدعوة، وحتى آخر من توفي من الصحابة، وهو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي - رضي الله عنه - والذي توفي سنة مائة للهجرة.

إن الوقوف على منهج الصحابة - رضي الله عنهم - في دعوتهم للمشركين خلال تلك المدة هو من احتياجات الدعوة الملحة لوضع القواعد الصحيحة للدعوة، وخصوصاً


(١) سورة التوبة، الآية: ٣٣.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧.

<<  <   >  >>