للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعزائمهم على معاداتهم، وبذلوا جهدهم في كل سبب يحصل به الانتصار عليهم" (١).

وأمثال كتاب خالد بن الوليد من الشواهد كثير، فهذا سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - يرى أن يرسل وفداً مكوناً من تسعة من المسلمين إلى رستم عندما طلب منه ذلك، إلا أن ربعي بن عامر قال: إن الأعاجم لهم آراء وآداب ومتى نأتهم جميعاً يروا أنا قد احتفلنا بهم فلا تزدهم على رجل.

ففعل سعد بن أبي وقاص وأرسل ربعي بن عامر إلى رستم فوطأ ربعي بن عامر بفرسه على البسط وربطها بالوسائد فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم، أنتم دعوتموني فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد رجعت، فأخبروا رستم فقال: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق والبسط فما ترك لهم نمرقة ولا بساطاً إلا أفسده، فجاء حتى جلس على الأرض وقال: إنا لا نستحب القعود على زينتكم، فكلمه وقال: ما جاء بكم؟ قال ربعي: الله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه، ومن أبى قاتلناه حتى نفضي إلى موعود الله، قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي، وأرسل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - بعده حذيفة بن محصن ثم المغيرة بن شعبة وكلهم فعل كما فعل وقال مثلما قال (٢)، وكأن لسان حالهم يقول: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ


(١) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٢٥٩.
(٢) انظر: تاريخ الأمم والملوك، الطبري، ٢/ ٤٠١.

<<  <   >  >>