للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وردت سابقاً، وأيضاً دعوة سلمان الفارسي لأهل بهرسير ويقال نهرشير عندما أمروه بدعاء أهلها، فكان دعاؤه إياهم أن يقول: إني منكم في الأصل، وأنا أرق لكم، ولكم في ثلاث أدعوكم إليها ما يصلحكم: أن تسلموا فإخواننا ولكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإلا فالجزية، وإلا نابذناكم على سواء، وقد أمهلهم ثلاثاً، وبعد انقضاء المدة قاتلهم المسلمون وفتحوها، وكان نفس الحال مع أهل القصر الأبيض إلا أنهم اختاروا الجزية ودخلها المسلمون بالصلح (١).

وفي هذه الحالات يرسم حديث بريدة - رضي الله عنه - المنهج للمسلمين، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال: (اغزُ باسم الله في سبيل الله ... ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم .. ، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ... ((٢). وقد طبق أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - هذه الوصية عندما بعث الجنود نحو الشام وأمَّر يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة - رضي الله عنهم - فأوصاهم بنفس وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٣). وهذا دليل على أن الصحابة إنما يقتبسون من مشكاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعون على ضوئها.


(١) انظر: تاريخ الأمم والملوك، الطبري، ٢/ ٤٦٣.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الجهاد، باب تأمير الإمام الأمراء، رقم ٤٥٢٢، ص ٧٦٨.
(٣) انظر: السنن الكبرى، البيهقي، كتاب السير، جماع أبواب السير، باب من اختار الكف عن التقطيع والتجريح، رقم ١٨١٨١، ٩/ ٢٨٣.

<<  <   >  >>