يقول رحمه الله:(ثم إلى حيث شاء الله من العلى) لم يذكر المؤلف رحمه الله منتهى للعروج، بل قال:(حيث شاء الله من العلى) أي: العلو والارتفاع، وأكرمه الله تعالى بما شاء مما شاهد في ذلك الموقف العظيم، إذ شاهد آيات قال الله جل وعلا فيها:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}[النجم:١٨] رأى آيات عظيمة، حيث رأى الجنة والنار، ورأى جبريل كما خلقه الله سبحانه وتعالى، ورأى سدرة المنتهى، وما غشيها من التغير الذي أذن الله سبحانه وتعالى به لهذه السدرة العظيمة، حتى إنه قال صلى الله عليه وسلم:(فاعتراها من أمر الله عز وجل ما لا يكاد يحيط به وصف) أو (ما لا يدرك بوصف) وذلك لعظيم ما رأى، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزلزل فؤاده، ولم يضطرب قلبه لما رآه في ذلك الموقف العظيم، وقد زكاه الله جل وعلا في موضعين، في قوله:{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}[النجم:١٧] ، وزكاه أيضاً في قوله:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}[النجم:١١] ومع هذا الثبات العظيم لقلبه وفؤاده في هذه المشاهد الكبرى العظيمة ما استطاع أن يصف ما اعترى الشجرة من تغير لما أذن الله جل وعلا أن يغشاها ما يغشى، كما قال تعالى في قوله تعالى:{عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}[النجم:١٤-١٦] وأبهم ما غشيها تعظيماً وتفخيماً لشأنها، (وأوحى إليه) أي: أوحى الله جل وعلا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف العظيم (ما أوحى) يعني: الذي أوحى، والإبهام هنا كما مر معنا في التفسير إبهام تعظيم، فقد أوحى الله إليه أمر الصلاة وما شاء الله أن يوحيه إليه صلى الله عليه وسلم.
قال رحمه الله:(قال الله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}[النجم:١١] ) أي: ما رأى من تلك المواقف العظيمة والآيات الكبيرة.