ثم قال رحمه الله في بيان ما عليه أهل السنة والجماعة:(ونرى المسح على الخفين) نرى، أي: نعتقد المسح على الخفين، أي: مشروعيته، والمسح على الخفين ليس من مسائل الاعتقاد، وإنما هو من مسائل العمل، وإنما ذكره المؤلف رحمه الله؛ لأن ترك المسح على الخفين صار علامة على فرقة من فرق المبتدعة، فارقوا بها أهل السنة والجماعة، وهم: الرافضة، فإنهم لا يرون المسح على الخفين، مع أن الأحاديث في ذلك متواترة، والأدلة في ذلك مستفيضة، فذكر المؤلف رحمه الله هذه المسألة الفقهية العملية في مسائل الاعتقاد لتمييز أهل السنة والجماعة عن غيرهم، فقال رحمه الله:(ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر) يعني: نرى مشروعية ذلك، والعمل به في السفر والحضر؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال المؤلف:(كما جاء في الأثر) والمراد بالأثر هنا: معناه العام الذي يشمل الأحاديث النبوية، وإلا فالأثر يطلق في الغالب على غير قول النبي صلى الله عليه وسلم بمفهومه الخاص.
وأما مفهومه العام فيشمل كل ما جاء وأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيره، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بما لا شك فيه أن المسح على الخفين مما يتعبد الله جل وعلا به، وقد جاء في القرآن ما يشير إلى ذلك في القراءة المشهورة في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة:٦] فاستدل بعض العلماء بقراءة الكسر على مشروعية المسح على الخفين، فالمسح على الخفين ثابت، وهو مما نقل نقلاً متواتراً، وعرفنا سر أو سبب إدخال هذا في كتب الاعتقاد؛ وذلك لأن عدم المسح على الخفين شعار لبعض أهل البدعة المخالفين لأهل السنة والجماعة.