يقول:[ونبغض من يبغضهم] ولا إشكال في هذا؛ فإن من حقهم رضي الله عنهم بغض من أبغضهم، وكراهة من كرههم، وبغير الخير يذكرهم، كالرافضة وأشباههم.
قال:[ولا نذكرهم إلا بالخير] وهذا فيه قاعدة فيما يتعلق بالصحابة، وهي أنا لا نذكرهم إلا بالخير، ومن جملة هذا ألا نتكلم فيما شجر بينهم من الخلاف، فإن ذكر ما شجر بينهم من الخلاف يفضي إلى الوقيعة في بعضهم، وإلى إيغار الصدور عليهم رضي الله عنهم، وإلى نزول مقامهم ومكانتهم، فقوله:[ولا نذكرهم إلا بخير] يشمل حفظ اللسان من الكلام فيهم، والكلام فيما وقع منهم من أخطاء، والكلام فيما وقع فيهم من شجار وخلاف؛ فإنهم رضي الله عنهم إما معذورون فيما ثبت، وإما مجتهدون متأولون، وأما غالب ما ينقل فهو كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: كذب، ومنه ما زيد فيه ونقص وغير عن وجهه.
يعني: صرف عن الوجه الذي جرى عليه.
فإن من أصول أهل السنة والجماعة سلامة ألسنتهم وقلوبهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن تمام السلامة ألا نذكرهم إلا بخير، وقد وقع الكلام في الصحابة منذ العهد الأول، فإن عائشة رضي الله عنها نقل إليها أن أقواماً يتكلمون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى في أبي بكر، فقالت:(لا عجب؛ فإنه قد انقطع عملهم بالموت، وأحب الله وصل عملهم بعد موتهم) وذلك بمن يقع فيهم؛ فإن الإنسان إذا وقع فيه بغير حق كان ذلك حطاً لسيئاته، ورفعاً لدرجاته، ولابد من هذا.
يقول رحمه الله:[وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان] قوله: (حبهم دين) أي: عبادة يتعبد الإنسان بها لله عز وجل.
(وإيمان وإحسان) أي: من خلال الإيمان وأعماله، ومن خلال الإحسان الذي يجازى به أهل الإحسان، فإن إحسان الصحابة إلينا من أعظم الإحسان، حيث إنهم نقلوا لنا الأخبار، وحفظوا لنا سنة المختار صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونصروا دين رب العالمين، (وبغضهم -أي: بغض الصحابة بالجملة -كفر ونفاق طغيان) فهو كفر لأنه قدح في الشريعة، وتكذيب للقرآن، ونفاق وطغيان؛ لأنه إنما وقع من أهل النفاق، فإن أول ما جرى هذا كان من المنافقين المندسين في صفوف أهل الإسلام الداعين إلى البدعة والفرقة والشر كـ عبد الله بن أبي بن سلول، والطغيان: تجاوز الحق.
وبعد أن فرغ مما يجب لمجموعهم انتقل إلى ما يتعلق ببعض أفرادهم.