للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى إضافة القرآن إلى جبريل وإلى النبي صلى الله عليه وسلم]

يقول رحمه الله: (وهو) أي: القرآن الكريم (كلام الله تعالى) وهذا إعادة لما تقدم، لكنها إعادة ليبني عليها، فقوله: (لا يساويه شيء من كلام المخلوقين) وهذا فيه الرد على من قال: إن القرآن من كلام جبريل، وفيه الرد على من قال: إن القرآن من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن الله سبحانه وتعالى أضاف القرآن إلى الرسول الملكي والى الرسول البشري أي: إلى جبريل والى النبي صلى الله عليه وسلم، أضافه إلى جبريل في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:١٩-٢٠] هذا الرسول هو جبريل عليه السلام.

وأضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحاقة:٤٠-٤١] ومعلوم أن الذي اُتهم بأنه شاعر هو النبي صلى الله عليه وسلم.

فالإضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع، والإضافة إلى جبريل في الموضع السابق إضافة تبليغ، وليست إضافة إنشاء، وهذا الذي جعل المؤلف رحمه الله يقول: (لا يساويه شيء من كلام المخلوقين) ، وقوله: (المخلوقين) يشمل الإنس والجن والملائكة، وكل مخلوق يتصور منه الكلام لا يأتي بمثله، فلو اجتمع الإنس والجن ومن في السماء والأرض على أن يأتوا بمثل القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، بل هو قول رب العالمين الذي لا مثل له ولا ند سبحانه وتعالى.

ثم قال: (ولا نقول بخلقه) رد بهذا على الجهمية الذين قالوا: إن القرآن كلام الله مخلوق، وهم الذين جرت منهم الفتنة لعلماء المسلمين، ولأئمة الإسلام في وقت الإمام أحمد رحمه الله، فالإمام أحمد ابتلي بالجهمية الذين كانوا يفتنون الناس في مسألة خلق القرآن.

قال رحمه الله: (ولا نخالف جماعة المسلمين) يعني: في جميع ما نعتقد فيما يتعلق بهذا وبغيره، لكن هنا المراد به: لا نخالف جماعة المسلمين في مسألة: القول بأن القرآن كلام الله، ومن هذا نعلم أن جماعة المسلمين قديماً وحديثاً على أن القرآن كلام الله، منه بدأ وإليه سبحانه وتعالى يعود، ومن قال بغير هذا فإنه خالف جماعة المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>