قوله:(أن محمداً عبده) أي: عبد الله جل وعلا فذكر الضمير هنا عائد إلى ما تقدم في قوله: (نقول في توحيد الله معتقدين وإن محمداً عبده المصطفى) ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعبودية من أعظم ما يوصف به صلى الله عليه وعلى آله وسلم خلافاً لما يظنه كثير من الجهال من أن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعبودية نقص في حقه ونزول في رتبته، بل وصفه بالعبودية هو أكمل ما يكون.
ولذلك ورد وصف الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أشرف مقامات النبي صلى الله عليه وسلم، فوصفه بالعبودية في أشرف لياليه صلى الله عليه وسلم في الإسراء حيث قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}[الإسراء:١] .
ووصفه في مقام الدعوة وهو من أشرف مقامات النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}[الجن:١٩] .
ووصفه بالعبودية في مقام المنافحة والمدافعة عنه في مقام التحدي حيث قال سبحانه:{وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ}[البقرة:٢٣] .
ووصفه بالعبودية في مقام الإيحاء في ليلة المعراج فقال جل وعلا:{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}[النجم:١٠] وهذه أشرف مقامات النبي صلى الله عليه وسلم، لم يصفه الله جل وعلا بوصف زائد على هذا، فدل ذلك على أنه من أعظم أوصافه صلى الله عليه وسلم.