للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

[الثبات عزيز لا يطلب إلا من الله تعالى]

قال رحمه الله تعالى: [ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، ويختم لنا به، ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة، والمذاهب الرديئة، مثل المشبهة، والمعتزلة، والجهمية، والجبرية، والقدرية، وغيرهم من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة، ونحن منهم برآء، وهم عندنا ضلال وأردياء، وبالله العصمة والتوفيق] .

يقول رحمه الله في ختم هذه العقيدة: [ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان ويختم لنا به، ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة، والمذاهب الرديئة] ، آمين.

بعد أن قال رحمه الله: (فهذا ديننا واعتقادنا ظاهراً وباطناً) ، لجأ إلى الله جل وعلا في التثبيت على الحق، وهذا هو حال المؤمن التقي الذي يرجو ما عند الله عز وجل، ولا يعتمد على نفسه في الثبات، بل يقرر الحق، ويسأل الله عز وجل الثبات عليه؛ ولذلك قال رحمه الله: (ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان ويختم لنا به) والثبات: هو الاستمرار.

والختم: هو أن يكون منتهى ما نعمل به ونغادر هذه الدنيا به هو الإيمان.

قوله: (ويعصمنا من الأهواء -أي: يحفظنا ويمنع منا الأهواء- المختلفة، والآراء المتفرقة، والمذاهب الرديئة) الأهواء: جمع هوى، وهو ما تهواه الأنفس، ويطلق على ما تهواه الأنفس في الأعمال، وفي العقائد.

والآراء المتفرقة لاشك أنها الآراء المخالفة لأهل السنة والجماعة، وأما ما وافق أهل السنة والجماعة فإنه لا يفترق ولا يتفرق، بل عقيدة أهل السنة والجماعة الاجتماع، كما قال رحمه الله، والمذاهب الرديئة: أي المسالك الرديئة المخالفة، ثم مثل لذلك بالمشبهة والمعتزلة، فبدأ بالمشبهة، ويريد بـ المشبهة الممثلة؛ لأن النفوس ترفض هذه البدعة، فإن كل نفس مفطورة على أن الخالق ليس كالمخلوق، وأنه لا مماثلة بين الخالق والمخلوق، بل الله جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١] ، والمعتزلة والجهمية والجبرية والقدرية هذه الفرق كلها من الفرق الضالة، وأنواع الضلال فيها مختلفة، فمنها ما هو في الأسماء والصفات، ومنها ما هو في القدر، ومنها ما هو في اليوم الآخر.

يقول: (وغيرهم من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة) أي: صالحوا الضلالة والتزموها والتحفوها، وكانت مرافقة لهم.

قوله: (ونحن منهم برآء) هذا فيه البراءة من كل من خالف أهل السنة والجماعة.

قال: (وهم عندنا ضلال أردياء) ولاشك في ذلك؛ فإن هذه الفرق من الفرق الضالة الرديئة المخالفة للكتاب والسنة.

ثم قال رحمه الله: (وبالله العصمة والتوفيق) أي: به جل وعلا تحصل العصمة للعبد من الوقوع في شيء من الضلال، والتوفيق إلى طريق أهل السنة والجماعة، وهذا ختم بديع؛ لأنه به يحصل للإنسان السعادة في الدارين، أن يعصمه الله من أهل الشر، وأن يوفقه إلى الخير والعمل به، نسأل الله عز وجل أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا هداة مهتدين، وبهذا تكون قد انتهت هذه العقيدة المباركة التي نسأل الله عز وجل أن يثيب مؤلفها خيراً، وأن يغفر له ما كان فيها من خطأ، وأن ينفعنا بما فيها من علوم نافعة.

<<  <  ج: ص: