قال رحمه الله:[ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام، ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء] .
المؤلف رحمه الله في هذا المقطع يرد على غلاة الصوفية الذين رفعوا مرتبة الولاية على النبوة، فيقول رحمه الله:(ولا نفضل أحداً من الأولياء) والأولياء: جمع ولي، والولي: هو من تولاه الله سبحانه وتعالى ووفقه إلى الإيمان والتقوى قال سبحانه وتعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[يونس:٦٢-٦٣] ، فأولياء الله هم المؤمنون المتقون، وكل من حقق الإيمان والتقوى نال شرف وفضل الولاية، فلا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء مهما بلغ في الولاية والتقوى؛ لأن الولاية درجة دون النبوة، فالنبوة درجة عالية يقصر دونها كل ولي.
يقول:[ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء] .
فلا إشكال أن النبي أفضل من جميع الأولياء؛ لأن الله سبحانه وتعالى رفع هؤلاء الأنبياء، وخصهم من الخصائص والفضائل بما لم يحصل للأولياء، وأول من أحدث بدعة رقي الولي على النبي ابن عربي وأشباهه الذين قالوا: مقام النبوة في منزل فويق الرسول ودون الولي.
فجعلوا الولاية فوق هذه المنازل كلها، وهم في هذا كاذبون، وإنما أرادوا هذا لأنه قطع عنهم النظر في النبوة؛ فإن الله جل وعلا قد ذكر في كتابه ختم النبوة فقال تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب:٤٠] ، فلما انقطع رجاؤهم ونظرهم في حصول النبوة لهم طلبوا طريقاً آخر يحصل لهم به ما يزعمونه من سقوط التكاليف، فاخترعوا هذا المقام، وجعلوه فوق النبوة ليحصلوا به مآربهم من التسلط على الخلق وإفساد الشرائع والأديان، فهذا هو سبب هذا القول.