العذاب في القبر ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: عذاب دائم لا انقطاع له، وهذا عذاب أهل الكفر والشرك، وقد يكون لبعض أهل المعاصي ممن عظمت ذنوبهم واشتدت خطاياهم، أما دليل دوامه فقول الله جل وعلا:{وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}[غافر:٤٥-٤٦] ، إلى متى؟ {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}[غافر:٤٦] ، فدل ذلك على أن هذا العرض وهذا العذاب مستمر بهم، ويدل له أيضاً حديث ابن عباس في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين ثم قال: (إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه -وفي رواية: لا يستتر- من البول) ، وهذا فيه عقوبة أهل المعاصي؛ لأنه إنما ذكر معصيتين، ولو كان عندهما كفر لاستقل بالذكر، ولما كانت هذه المعاصي موجبة لهذا العذاب الدائم، لكن الذي يظهر أنهما قبرا رجلين مسلمين، وعلى كل حال الشاهد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ جريدة رطبة فوضعها في القبر، ثم لما سئل عن ذلك قال:(لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا) ، فدل ذلك على استمرار العذاب، وأن ما جرى ببركة وضع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الجريدة الرطبة هو مجرد تخفيف لا رفع.
القسم الثاني: عذاب منقطع، وهو الذي يكون لأهل السيئات والمعاصي، فيعذبون بقدر ما يكون معهم من السيئات.
ثم هذا التعذيب الذي يكون في القبر -نسأل الله السلامة منه- يخفف به عن أهل الإيمان وأهل التوحيد، فلا يؤاخذون بسيئاتهم يوم القيامة، ويكون ما نالهم من عذاب القبر مكفراً لهم، حاطاً لسيئاتهم وخطاياهم، كما أن التنعيم والتعذيب في القبر متفاوت تفاوتاً عظيماً لا يدرك حده؛ وذلك بتفاوت أعمال الناس في الصلاح والفساد.