للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عدم الشهادة لمعين بالجنة إلا بنص]

قال: (ولا نشهد لهم بالجنة) أي: لا نقول: إن فلاناً منهم في الجنة بعينه، فلا نشهد لهم بالجنة يعني: على وجه التعيين.

أما على وجه الإجمال فإننا نشهد بأن المؤمنين في الجنة، فقوله: (ولا نشهد لهم) أي: على وجه التعيين، أما على وجه الإجمال فإن أهل الإيمان وأهل الإحسان في جنات النعيم كما جاء ذلك في آيات كثيرة، أثبت الله جل وعلا فيها الجنة لأهل الإيمان.

ومما يدخل في قول المؤلف رحمه الله: (ولا نشهد لهم بالجنة) الشهود لهم بموجب الجنة، فمن قتل في سبيل الله، لا نشهد له بأنه شهيد؛ لأننا إذا شهدنا بأنه شهيد فقد شهدنا له بالجنة؛ ولذلك عقد البخاري رحمه الله باباً في صححيه فقال: (باب: لا يقال: فلان شهيد) لأن في ذلك الشهادة له بأنه من أهل الجنة، بل الواجب ألا يشهد له بموجب الجنة.

ومما يلاحظ على هذه العبارة وهي قول المؤلف: (ولا نشهد لهم بالجنة) أنه أطلقها، وهذا يشمل كل أحد، وهذا ليس بصحيح، فإننا نشهد لمن شهد له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالجنة، فنشهد للعشرة المبشرين بالجنة، ونشهد لكل من بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة أنه من أهل الجنة؛ ولذلك كانت عبارة الإمام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله أتقن من عبارة المؤلف هنا، فإنه قال: ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا معناه بمفهوم المخالفة: أنهم لا يشهدون لمن لم يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وهذا أحسن من قول المصنف هنا: ولا نشهد لهم بالجنة.

والذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة كثر، وقد جمعهم بعض طلبة العلم من الأحاديث التي فيها الشهادة لهم بالجنة، ومن أبرز من شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة العشرة المبشرون، وكذلك ثابت بن قيس بن شماس، وكذلك أمهات المؤمنين، وغيرهم كثير.

والمراد: أننا لا نشهد لأحد بالجنة إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقيد هذا الإطلاق بهذا القيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>