ثم قال المؤلف رحمه الله:(ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام -جعلنا الله وإياكم من أهلها- لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم) .
قوله رحمه الله:(لا يصح الإيمان بالرؤية) أي: لا يتم الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم، يعني: من مثلها أو أولها، فإن من مثل وقع في الضلال؛ لأن الله جل وعلا يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] ومن أول -بمعنى: حرف- فإنه قد ضل في إثبات ما أثبته الله لنفسه؛ لأن التحريف لا يفضي إلا إلى ضلال ولا يوصل إلا إلى عطب، فلا يصح الإيمان بالرؤية إلا بالتسليم للنصوص وإثبات الرؤية على ما أثبته الله لنفسه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
يقول:(إذ كان تأويل الرؤية) التأويل المراد به هنا: التحريف، واعلم أن التأويل في الأصل معناه: التفسير لكن المشبهين استعملوا هذا اللفظ في طريقة سلكوها وحقيقتها التحريف، فسموا تحريف النصوص تأويلاً وهم كاذبون، فإن النصوص التي عطلوها بما يسمى التأويل حقيقة فعلهم فيها أنهم حرفوها وعطلوها عن معانيها.
يقول رحمه الله:(إذ كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية ترك التأويل ولزوم التسليم) فالتأويل الذي ينبغي أن تفسر به النصوص هو ما جاء عن السلف، وأما غير ذلك من التأويل الذي يسميه أصحابه تأويلاً فإن حقيقته تحريف وضلال وباطل.
يقول رحمه الله:(وعليه دين المسلمين) أي: ترك التأويل الباطل المنحرف هو ما عليه دين المسلمين، فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يدخلوا في النصوص مؤولين تأويلاً يعطلها عن معانيها أو يحرفها عما دلت عليه.