للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيمان بالكرام الكاتبين]

قال رحمه الله: [ونؤمن بالكرام الكاتبين، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين، ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين، وبعذاب القبر لمن كان له أهلاً، وسؤال منكر ونكير في قبره: عن ربه ودينه ونبيه، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، والقبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران] .

يقول رحمه الله: (ونؤمن بالكرام الكاتبين) تقدم أن من الإيمان: الإيمان بالملائكة، فالإيمان بالملائكة من أركان الإيمان، وتقدم الكلام في ذلك، ولكن المؤلف رحمه الله أعاد البحث في الإيمان بالملائكة لكنه ليس بحثاً عاماً، بل ذكر الإيمان ببعض الملائكة، ونحن ذكرنا أن الإيمان بالملائكة يتضمن: الإيمان بأن الله جل وعلا خلقهم من نور، وأنه أوكل إليهم من المهام الشيء الكثير، وأنه سمى لنا بعضهم، وأنهم خلق عظيم، وأنهم أجسام لكن الله جل وعلا أغناهم عن الأكل والشرب، وسخرهم للعبادة والخدمة، فهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون.

وقولنا: إنهم أجسام، المراد بذلك: أنهم أعيان، وليسوا كما يقول الفلاسفة: خيالات لا حقيقة لها، ولكنهم أعيان -الله أعلم بحقيقة أعيانهم- خلقت من نور.

يقول رحمه الله: (ونؤمن بالكرام الكاتبين) ذكر هنا نوعاً من أنواع الملائكة، وهذا النوع مما جاء وصفه في القرآن وفي السنة، والملائكة يذكرون في القرآن والسنة إما بالأعمال أو بالأشخاص، فممن ذكر بالأعمال، يعني: ذكر عمله ولم يذكر عينه: الملائكة الكاتبين الحفظة، وهم المشار إليهم في قول المؤلف: (ونؤمن بالكرام الكاتبين) كما قال الله جل وعلا: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار:١٠-١١] فهم كرام على الله جل وعلا، كاتبين لأعمال بني آدم، فهم يكتبون كل شيء من أعمال بني آدم، ومنه قول الله جل وعلا: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] يسجل ويقيد ما يكون منه.

يقول: (فإن الله قد جعلهم علينا حافظين) أي: يحفظون أعمالنا، ويقيدون ما يكون منا، فكل ما يكون من الإنسان من قول أو عمل فإنه مرصود مقيد، له ملائكة يسجلونه، ويحفظونه كما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية:٢٩] فالملائكة تكتب كل ما يكون من بني آدم، وهؤلاء ملائكة متعددون، وليس هو ملكاً واحداً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، يجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر) هؤلاء الملائكة مهمتهم حفظ ما يكون من الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>