[العشرة المبشرين بالجنة]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى: [وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة على ما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم -وقوله الحق- وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة رضي الله عنهم أجمعين، ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرياته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق] .
أي: أن من بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم هؤلاء العشرة.
والمؤلف رحمه الله اقتصر على العشرة؛ لأنهم أشرف وأعلى وأعظم من بشر بالجنة من هذه الأمة، وإلا فالمبشرون بالجنة من هذه الأمة الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كثيرون.
والبشارة بالجنة جاءت على نوعين: بشارة جنس، وبشارة عين، فبشارة الجنس كثيرة، وهي التي بشر الله بها أهل الإيمان وأهل الإحسان وأهل التقوى، وأما البشارة الخاصة بمعينين فهي المقصودة بهذا المقطع، فنشهد بالجنة لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وبشره بها، وأشهر هؤلاء وأعظمهم العشرة الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة) وذكر بقية العشرة، وهذا من أعظم ما خص به الله هؤلاء، حيث عجل لهم البشرى بالجنة في هذه الدنيا، وهذا يوجب محبتهم وتوليهم، واعتقاد أن الله جل وعلا رضي عنهم، فمن قال: إن أحد هؤلاء في النار فهو كافر؛ لأنه مكذب لما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يقول رحمه الله: [وقوله الحق] .
أي: الذي يجب قبوله واعتقاده والتسليم له، فإن الحق ينقاد له المؤمن ولا يعارضه.
ثم يقول في بيان هؤلاء العشرة: [وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي] .
وهؤلاء هم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون، وجاء في فضائلهم ومناقبهم الشيء الكثير.
قال: [وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح] .
هؤلاء شهد لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالجنة، وشهد أيضاً لغيرهم صلى الله عليه وسلم، كـ ثابت بن قيس بن شماس، وبلال، وغيرهما، وممن شهد لهم بالجنة أزواجه صلى الله عليه وسلم؛ فإن أزواجه في الدنيا أزواجه في الآخرة، وهو في الجنة فهن في الجنة رضي الله عنهن.
قال رحمه الله: [وهو أمين هذه الأمة] .
يشير إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وخصه بذكر هذه الخاصية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لأبعثن عليكم أميناً حق أمين) يريد أبا عبيدة، وقال: (أبو عبيدة أمين هذه الأمة) .
ولعل المؤلف ذكر هذه الخاصية له إشارة إلى أن هؤلاء قد ورد في فضائلهم ما اختص به كل واحد، أي: قد ورد الفضل خاصاً في كل واحد من هؤلاء، فلعله أراد ذلك، ولعله ختمهم بذكر خاصية آخرهم رضي الله عنهم أجمعين.