ثم قال رحمه الله:(ونستغفر لمسيئهم) الضمير يعود إلى المسيء من المؤمنين؛ لأنه قال:(نرجو للمحسنين من المؤمنين) والجملة معطوفة على ذلك، والمعنى: ونستغفر للمسيء من المؤمنين، والإساءة تكون إما بترك ما وجب عليه من الطاعات، أو بفعل ما نهاه الله عنه من المعاصي والسيئات.
فقوله:(نستغفر لمسيئهم) أي: نطلب من الله المغفرة لمسيئهم.
قوله:(ونخاف عليهم) أي: نخاف أن يدركهم ما ذكره الله جل وعلا في حق العصاة والمسيئين.
قوله:(ولا نقنطهم) أي: ولا نيئسهم من رحمة الله، ونقطع طمعهم في فضله ورحمته، بل نقول كما قال الله جل وعلا:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[الزمر:٥٣] ، وهذا يشمل كل ذنب صغير أو كبير، من الشرك فما دونه، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ، لكن الشرك لابد فيه من التوبة، ولابد فيه من الإقلاع، قال الله جل وعلا:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨] ، فالشرك لا يغفره الله سبحانه وتعالى إلا بالتوبة منه والإقلاع عنه.
وأما ما عدا ذلك من الذنوب فإنه تحت المشيئة: إن شاء الله غفر لصاحبه، وإن شاء أخذه به، والمراد أننا نرجو لأهل الإحسان الخير، ونخاف على أهل الإساءة من المؤمنين أن يدركهم العذاب الذي ذكره الله للمسيئين.