قال رحمه الله تعالى:[ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفرقة زيغاً وعذاباً] .
من عقائد أهل السنة والجماعة أنهم يرون الاجتماع، وهو الاجتماع على الحق، والاجتماع مع أهل الحق، والاجتماع على من ولي أمر المسلمين، فهم ليسوا أهل فرقة وخلاف، بل هم أهل ألفة واجتماع، قال الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:١٠٣] ، فالآيات التي أمر الله جل وعلا فيها بالائتلاف والاتفاق والاجتماع كثيرة، والتي ذم فيها أهل الفرقة والخلاف كثيرة جداً، بل جعل من الشرع الذي أوصى به هذه الأمة:{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى:١٣] ، وهو ليس خاصاً بهذه الأمة بل بجميع الأمم، قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى:١٣] ، فالاجتماع على الدين والحق والهدى مما تواترت فيه النصوص، وقد نهى الله جل وعلا عن الفرقة في قوله:{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:١٠٥] ، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة، والمراد بالاجتماع الاجتماع على الحق ومع أهل الحق، وأما الاختلاف فهو الخروج عن الحق وعن أهل الحق.
يقول رحمه الله: و (نرى الجماعة -أي: الاجتماع والقبول بالإجماع، والاجتماع على ولاة الأمر من المسلمين- حقاً وصواباً، والفرقة -وهي مخالفة أهل الكتاب والسنة، ومخالفة أهل الحق، ومخالفة ولاة الأمور من المسلمين- زيغاً وعذاباً) .
أما الزيغ فلأنه مخالف للسنة ومخالف لما أمر الله به ورسوله، وأما قوله:(عذاباً) فهذا فيه بيان ما يئول إليه الافتراق وهو أنه عذاب، وإن كان في نظر صاحبه إصلاح، لكنه في الحقيقة عذاب.