قال رحمه الله:[ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم] .
يبيّن المؤلف رحمه الله في هذا المقطع: أن إثبات المشيئة والإرادة للمخلوق ليس ذلك على وجه الاستقلال والانفصال والانفكاك عن مشيئة الله عز وجل، بل ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ ولذلك قال:[ومشيئته تنفذ] أي: مشيئة الرب جل وعلا تنفذ أي: تجوز، فهو جل وعلا ذو المشيئة النافذة، والقدرة النافذة، لا راد لما شاء، ولا مانع لما قدر وقضى، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، مشيئته تنفذ ولا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فإثبات المشيئة للعبد لا يعطل مشيئة الله عز وجل، وليس ذلك خارجاً عن مشيئة الله، بل مشيئة الله عز وجل محيطة بمشيئة عبده، كما قال سبحانه وتعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان:٣٠] ، وكما قال الله جل وعلا:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:٢٩] .
فمشيئة الله سبحان وتعالى محيطة بمشيئة العبد، لا خروج للعبد عن مشيئة الله عز وجل [فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن] وهذه المشيئة المذكورة في قوله: ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، يدخل في الإرادة الكونية، والإرادة الكونية هي معنى قول المؤلف رحمه الله وقول المسلمين:(ما شاء الله كان) -أي: حصل ووجد، (وما لم يشأ لم يكن) أي: لا حدوث له ولا حصول.