قال رحمه الله:(وكل يعمل لما قد فرغ له، وصائر إلى ما خلق له) ، الخلق يعملون لما فرغ لهم، فهم يعملون وفق ما قدر لهم كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما سئل:(ففيم العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له) ، فالله جل وعلا سبق علمه بأهل الجنة وبأهل النار على وجه الكمال، لا نقص ولا زيادة، والخلق كلهم ميسرون لما خلقوا له؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(اعملوا فكل ميسر لما خلق له) ، وقد ذكر الله جل وعلا تيسير الناس إلى ما قدر لهم في قوله:{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل:٤] ، أي: مختلف متنوع {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل:٥-١٠] ، وهذا فيه حث الناس على العمل، وعدم الاتكال والاعتماد على القدر والكتابة والعلم، فإنه لا علم لأحد ما الذي كتب له؟ وهل هو من أهل الجنة أو من أهل النار؟ فلا حجة لأحد في سابق العلم والتقدير، إنما الحجة لله عز وجل على خلقه حيث أمرهم ونهاهم وسهل لهم ومكنهم من الاختيار والعمل، وهذا الكلام صلة ما تقدم فيما يتعلق بالجنة والنار، ومدخل لما سيبحثه في المباحث التالية من الكلام على بعض مسائل القدر.