[مسألة: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج؟]
ثم المؤلف رحمه الله طوى ذكر هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة ربه أو لا؟ لأنه لا دليل على أنه رأى ربه، ولعل المؤلف رحمه الله أتى بالمعراج بعد ذكر الرؤية إشارة إلى الخلاف في هل النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في ليلة المعراج أو لا؟ والعلماء في هذا لهم قولان: القول الأول: أنه لم ير ربه بعينيه التي في رأسه، وهذا قول جمهور العلماء، وعليه المتقدمون والمتأخرون أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ربه رؤية معاينة؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يراه أحد قبل الآخرة قبل الموت، كما قال جل وعلا:{لَنْ تَرَانِي}[الأعراف:١٤٣] في قوله لموسى، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت) .
وذهب بعض العلماء إلى أنه رآه بفؤاده، وهذه الرؤية ليست مقيده بالمعراج؛ لأنهم يقولون: رآه بفؤاده مرتين ورؤية الفؤاد هي رؤية القلب، وهي غير رؤية المنام؛ لأن رؤية المنام لا إشكال في إثباتها.
ولكن لا تقول كيف رآه بفؤاده فإن هذا أمر لا يدرك، لكن رآه بفؤاده هكذا قال الإمام أحمد وابن عباس، وورد عنهم إثبات الرؤية مطلقاً للنبي صلى الله عليه وسلم يعني: دون تقييد، فما ورد عنهم مطلقاً يحمل على المقيد.
ثم قال رحمه الله:(فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى) حق أن يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لما ميزه الله به من الفضائل والمناقب، ومعنى الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الثناء عليه في الملأ الأعلى، هكذا قال أبو العالية في صحيح البخاري، وذهب شيخنا رحمه الله إلى أنه لا يقال شيئ في الصلاة على النبي، إنما يقال: هو ثناء ومرتبة وفضل يدعى به للنبي صلى الله عليه وسلم دون أن يقيد بمعنىً خاص؛ لأن هذا يحتاج إلى توقيف ونص، والذي عليه الأكثرون هو ما ذكره أبو العالية من أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم هو ثناء الله عليه في الملأ الأعلى.
قوله:(في الآخرة والأولى) يعني: في الدنيا والآخرة، وهو أحق من يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لعظيم ما من الله به علينا حيث أخرجنا به من الظلمات إلى النور صلى الله عليه وعلى آله وسلم.