يقول رحمه الله:[والخير والشر مقدران على العباد، والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يوصف المخلوق به تكون مع الفعل، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكين وسلامة الآلات فهي قبل الفعل وبها يتعلق الخطاب] .
قال الله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦] ، يقول رحمه الله:(والخير والشر مقدران على العباد) ، لاشك في هذا، وقد مرت الآيات الدالة على ذلك كقوله تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر:٤٩] ، فكل شيء في الكون مخلوق لله جل وعلا من خير أو شر، لا يخرج عن تقدير الله جل وعلا شيء من شئون الخلق، بل الجميع تحت قهره وقدرته وخلقه سبحانه وتعالى، وهذا الذي ذكره من تمام الإيمان بالقضاء والقدر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الإيمان قال:(أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) ، والقدر لاشك أن فيه خيراً وفيه شراً، لكن اعلم أن الشر الذي في القدر ليس هو فعل الرب جل وعلا، بل فعل الله جل وعلا خير لا شر فيه، إنما هو في المقدور المقضي المخلوق، ثم إن الشر في المقدور المقضي المخلوق شر نسبي ليس شراً محضاً.