اعلم أن مسألة تعطيل الله جل وعلا عن صفة الكلام لها اتصال بالإيمان بالله، واتصال بالإيمان بالكتب، واتصال بالإيمان بالرسل، ولذلك كان الإخلال بهذه الصفة إخلال في جميع أنواع هذا التوحيد وهذه الأصول؛ الإيمان بالله، وبالكتب، وبالرسل، فإن الكتب كلام الله، والرسل أخبروا عن قول الله، والله جل وعلا متصف بالكلام، فمن قال: إنه لا يتكلم.
فقد كذب الرسل فيما أخبروا به عن رب العالمين ولم يحقق الإيمان بالكتب؛ لأن الكتب كلام الله، وهو يعتقد أن الله جل وعلا لا كلام له.
ثم هو قدح في الإيمان بالله، ونقص في الإيمان به، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية:(ومن الإيمان بالله وكتبه ورسله؛ الإيمان بأن القرآن كلام الله؛ منه بدا وإليه يعود) ؛ لأن القرآن كلام الله، ومن تمام الإيمان بالكتب وبالرسول الإيمان بأنه يتكلم، ولذلك كان التعطيل لهذه الصفة تعطيل لأنواع من التوحيد، وإخلال بعدة أصول من أصول الإيمان بالله، وبالكتب، وبالرسل.
قال المؤلف رحمه الله:[وإن القرآن كلام الله] ، فلم يناقش المؤلف رحمه الله قولهم في صفة الكلام إنما ناقش قولهم في القرآن؛ فقرر ما يعتقده أهل السنة والجماعة في القرآن؛ لأن القرآن أشرف كلام الله عز وجل؛ فالقرآن أعظم ما تكلم به الله سبحانه وتعالى؛ فجعل الكلام منصباً ومتوجهاً إلى هذا الأصل العظيم؛ فإذا ثبت فغيره تابع له.