للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف المسلم من دعوى الغيب ومخالفة الشرع]

قال رحمه الله تعالى: [ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً، ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة] .

يقول رحمه الله: (ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً) لأن تصديق الكهان والعرافين مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) ، وفي الرواية الثانية: (من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) ، فدل ذلك على تحريم تصديق هؤلاء، وتصديقهم في الإخبار بالمستقبل كفر بالله العظيم، وتصديقهم في الإخبار بالغيب النسبي مهدد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) ، فتصديقهم على درجات، فمنه ما يكون كفراً، وذلك تصديقهم بكل ما يكون في الغيب في المستقبل، كأن يقول الكاهن: سيجري لك غداً كذا أو ستتزوج فلانة ولا تتوفق معها أو سيأتيك ولد، فمن صدقه في هذا فهو كافر بالله العظيم، قال الله جل وعلا: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل:٦٥] ، فمن صدق الكاهن في الخبر المستقبل فهو كافر؛ لأنه مكذب بالقرآن الذي فيه أن الغيب لا يعلمه إلا الله جل وعلا.

وأما من صدقه في الخبر الذي في الغيب النسبي الذي يخفى ويعلمه بعض الناس، كالإخبار عن مكان الضالة، وكالإخبار عن مكان المسروق، وما أشبه ذلك فإن هذا لا يكفر، لكنه على خطر عظيم، ويكفي في التحذير منه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) ، ثم من صدقه في هذا يوشك أن يصدقه في خبر المستقبل، فيجب الحذر من هذا.

يقول رحمه الله: (ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً) والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن هو من يخبر عن الغيب في المستقبل، والعراف من يخبر عن المغيبات بأمور يستدل بها، وقد نص شيخ الإسلام رحمه الله على أن الكاهن والعراف اثنان لمسمىً واحد، وهو كل من يخبر بالغيب، لكن الفرق بين الكاهن والعراف هو الطريق التي يتوصل بها إلى معرفة الغيب.

قال رحمه الله تعالى: (ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة) .

لا إشكال أنه لا يجوز تصديق هذا، والجامع بينه والذي قبله في قوله: (لا نصدق كاهناً ولا عرافاً، ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة) هو أن الجميع مبطل، فالكاهن والعراف مبطلان، ومن ادعى شيئاً يخالف ما جاء في الكتاب والسنة فهو مبطل أيضاً، ولا يجوز تصديقه ولا قبول خبره، فلا يصدق ما خالف الكتاب، وما خالف السنة، وما خالف إجماع الأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>