للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[أبو السائب والماشطة]]

دخل أبو السائب [١] على امرأته وهي تمشط، فجلس قريبا منها، فتمثلت الماشطة بهذا البيت: [الطويل]

لم أر مثل الليل لم يعطه الرشا ... ذوو الحاج حتى يصبح الليل راضيا

فقال لامرأته: أنت طلاق إن لم تعطيها كلّ شىء تملكينه من المال، فلم تملك إلا درهمين، فدفعتهما إليها.

[[سعيد بن العاص ومعاوية]]

قدم سعيد بن العاص [٢] على معاوية، ولم يكن شهد صفين، فقال له معاوية: يا أبا عثمان، غبت عنّا، وإنما طلبنا بدم ابن عمك، قال: يا أمير المؤمنين، قد غبت عنك واكتفيت، ولو دعوت لأجبت، ولو ثلمت لرقعت، قال: كيف تركت مروان؟ وكان عامله على المدينة، قال: سامعا مطيعا، قد كفاك ما قبله، قال: أما سامع مطيع فنصب عيني، وأما كفاني ما قبله وأنا كفيته ذاك، وإنما مثله مثل آكل خبزة قد خبزها غيره. قال: يا أمير المؤمنين، لا تقل هذا، فأني خلّفت قوما لا يحلّ لهم السيف، ولا يجمل بهم [٤٥ ظ] السوط، يتهادون من الكلام مثل قلاع الصخر، دلو لك ودلو عليك، قال: فما الذي باعد بينك وبين مروان؟ قال: خافني على شرفه، وخفته على مثل ذلك، وإني لأحبّ أن ينال منه، فاذا كان ذلك غضب له، وإني لأسوؤه شاهدا،


[١] أبو السائب: عتبة بن عبيد الله بن موسى الهمذاني، قاض من أهل همدان، تفقه على مذهب الشافعي، كان قاضي القضاة ببغداد سنة ٣٣٨ هـ، توفي سنة ٣٥٠ هـ.
(طبقات السبكي ٢/٢٤٤، تاريخ بغداد ١٢/٣٢٠، شذرات الذهب ٣/٥) .
[٢] سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية: صحابي من الأمراء الولاة الفاتحين، ربي في حجر عمر بن الخطاب، ولاه عثمان الكوفة وهو شاب، ثم ولاه معاوية المدينة، وهو فاتح طبرستان، وأحد الذين كتبوا المصحف لعثمان، اعتزل فتنة الجمل وصفين، كان قويا فيه تجبر وشدة، سخيا فصيحا، توفي سنة ٥٩ هـ.
(طبقات ابن سعد ٥/١٩، الإصابة ت ٣٢٦١، تهذيب ابن عساكر ٦/١٣١- ١٤٥) .

<<  <   >  >>