للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب تزعم أن الغراب إذا باضت طائرته لم يعد إليها.

[[إبراهيم بن المهدي]]

قال إسحاق الموصلي: [١] صرت إلى إبراهيم بن المهدي [٢] في يوم دجن، فدعا بالصبوح [٣] ، وجاء رجل زبيري، فعرض عليه المقام، فقال: معي جماعة طالبين في حاجة، وإن قعدت عنهم تعرضت لذمهم، مع الضغن السالف بيننا وبينهم، وفي تركي ما عرضت على الحسرة والندامة، فقال له إبراهيم: فنحن منتظروك إلى آخر أوقات الصبوح [١٣ ظ] ، فان أتيت، وإلا أخذنا في شأننا، ففارقه الزبيري على ذلك، ولم نزل منتظريه إلى آخر النهار، فلما لم نره أكلنا وشربنا وسمعنا، ثم وافى الزبيري فاستأذن له الحاجب، فقال له إبراهيم: إرجع إليه فقل له: حدّدنا لك وقتا فتجاوزته، وجئتنا في الوقت الذي قتل فيه ابن جرموز [٤] أباك، فقال الزبيري: أرجع إليه فقل له: أفأردتني في الوقت الذي قتل ابن ملجم [٥] عمّك، فقال له إبراهيم، أرجع إليه فقل له:


[١] إسحاق الموصلي: إسحاق بن إبراهيم بن ميمون الموصلي، من أشهر ندماء الخلفاء، تفرد بصناعة الغناء، وكان عالما باللغة والموسيقى والتاريخ وعلوم الدين وعلوم الكلام، راويا للشعر شاعرا، فارسي الأصل، مولده ووفاته بغداد، نادم الرشيد والمأمون والواثق، له مؤلفات منها: (كتاب أغانيه) ، و (أخبار عزة الميلاء) ، و (أغاني معبد) ، و (أخبار حماد عجرد) ، وغيرها، توفي سنة ٢٣٥ هـ.
(وفيات الأعيان ١/٦٥، الأغاني ٢٦٨٥- ٤٣٥ ط دار الكتب، تاريخ بغداد ٦/٣٣٨، الأعلام ١/٢٩٢) .
[٢] ابراهيم بن المهدي: سبقت ترجمته.
[٣] الصبوح: شراب الصباح، وأكثر ما يطلق على شرب الخمر، وهو خلاف الغبوق الذي يشرب بالعشي (الصحاح: غبق) .
[٤] ابن جرموز: عمير بن جرموز من بني تميم، لحق الزبير بن العوام وهو راجع بعد موقعة الجمل فطعنه، وكان مع ابن جرموز فضالة بن حابس ونفيع، فحملوا عليه فقتلوه سنة ٣٦ هـ.
(الطبري ٤/٤٩٩، حوادث سنة ٣٦ هـ، طبقات ابن سعد ٣/٧٨) .
[٥] ابن ملجم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي الحميري، فارس أدرك الجاهلية-

<<  <   >  >>