للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان هذا المسدود أديبا، ويعجبني جوابه المنتصر [١] ، وذاك أنه تحدث عنده بحديث، فقال له المنتصر: متى كان ذاك؟ فقال المسدود: ليلة لا ناه ولا زاجر، فأحفظ ذاك المنتصر، وإنّما غنّى ليلة قتل المتوكل، والشعر لوضاح اليمن، وأول البيت: [٢] [السريع]

فاسقط علينا كسقوط النّدى ... ليلة لا ناه ولا زاجر

وكان الواثق أديبا شاعرا، وذلك لأنّ المأمون ربّاه وكان يجلسه ويقفّ أباه [٣] ، وكان قد غناه مخارق: [٤] [السريع]

حتى إذا الليل دجا لونه ... وغابت الجوزاء والمرزم [٥]

أقبلت والوطء خفيّ كما ... ينساب من مكمنه الأرقم

[[من شعر الواثق العباسي]]

فاستملحه، فعمل في نحو معناه: [٦] [١١٨ ظ] [السريع]


[١] المنتصر: محمد (المنتصر بالله) بن جعفر (المتوكل على الله) بن المعتصم، من خلفاء الدولة العباسية، ولد في سامراء، وبويع بالخلافة بعد أن قتل أباه سنة ٢٤٧ هـ، وفي أيامه قويت سلطة الغلمان، فحرضوه على خلع أخويه المعتز والمؤيد (وكانا وليي عهده) ، وهو أول من عدا على أبيه من بني العباس، ولم تطل مدته، وكان إذا جلس إلى الناس يتذكر قتله لأبيه فترعد فرائصه، قيل: مات مسموما بمبضع طبيب، سنة ٢٤٨ هـ، ومدة خلافته ستة أشهر وأيام.
(الطبري ١١/٦٩- ٨١، ابن الأثير ٧/٣٢، ٣٦، النبراس ص ٨٥، اليعقوبي ٣/٢١٧، تاريخ بغداد ٢/١١٩، فوات الوفيات ٢/١٨٤)
[٢] البيت من قطعة لوضاح اليمن في الأغاني ٦/١٢٩.
[٣] يقفّ أباه: ينقبض منه، ويقلل من شأنه، لأن أبا الواثق وهو المعتصم كان أميا لا شأن له بالعلم والأدب.
[٤] البيتان لاسماعيل بن يسار في الأغاني ٤/٤١٠، وفيه الغناء لابن سريج، وفي الأغاني ٩/٣٣١ الغناء لمخارق
[٥] رواية الأغاني: (حتى إذا الصبح خبا ضوؤه وغارت الجوزاء والمرزم)
[٦] البيتان للواثق في الأغاني ٩/٣٣١.

<<  <   >  >>