للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قد خطّ شاربه وابتدت عنفقته [١] ، وفي ذقنه سواد، ورأى الراؤون على شفته بللا كأنه إنسان قد شرب ماء أو تكلم فابتلت شفتاه [٢] ، ورأوا شحمة أذنيه كما هي لم يذب منهما قليل ولا كثير، وأشفار عينيه صحيحة، وكأنما قد كحل بكحل أشدّ سوادا من المداد، وفي خاصرته قرينة من الأضلاع. فردّ عليه الكفن، وغطّي وجهه.

وكثر الناس عليه من النواحي، فمن مريض يبرأ [٤٧ و] وسقيم يشفى، وزمن [٣] يعافى فأمر العامل ببناء قبّة عليه، فلم يتهيّأ للفعلة العمل في بنائها لكثرة الناس واتصال البكاء.

[[في الإنجيل]]

كردوس بن هانئ التغلبي قال: كنت أجد في الإنجيل وكنت أقرأه: أن الله ليصيب العبد بالأمر الذي يكرهه، وأنه ليحبّه لينظر كيف تضرعه إليه.

[[قصة مثل]]

عن أبي عبيدة [٤] قال: سئل يونس [٥] يوما عن المثل: (مجير أم عامر) [٦] [٧]


[١] العنفقة: شعيرات بين الشفة السفلى والذقن لخفة شعرها، والجمع عنافق.
[٢] في حاشية الأصل وبخط أحدث: (كتب بخط الوزير أبي القاسم المغربي في الحاشية عند هذا الخبر: صحيح) .
[٣] الزمن: الذي مرض مرضا يدوم زمنا طويلا، فهو زمن وزمين.
[٤] أبو عبيدة معمر بن المثنى. شبقت ترجمته.
[٥] يونس: هو يونس بن حبيب الضبي بالولاء، ويعرف بالنحوي، عالم بالأدب، كان إمام نحاة البصرة في عصره، أخذ عنه سيبويه والكسائي والفراء وغيرهم، كانت له حلقة في البصرة يحضرها أهل الأدب والفصاحة، له من الكتب: (معاني القرآن) ، و (اللغات) ، و (النوادر) ، و (الأمثال) ، توفي سنة ١٨٢ هـ، (نزهة الألباب ص ٥٩، المزهر ٢/٢٣١، معجم الأدباء ٧/٣١٠) .
[٦] المثل: (كمجير أم عامر) يضرب للذي يحسن فيكافأ بالإساءة، وأم عامر: الضبع، ينظر: مجمع الأمثال ٢/١٤٤، المستقصى ٢/٢٣٢.
[٧] في هامش الأصل: (من ها هنا أمالي أبي العباس التميمي) .

<<  <   >  >>