للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالي

ومن إيراده تشبيهين في بيت واحد، فشبّهت نفسي بالشمعة من ست جهات في بيت واحد، فقلت كلاما ترجمته: أني أشبه الشمعة في وحدتها ونحولها ولونها ودمعها واحتراقها وسهرها، وأردت أنا وأبو طالب أن نصنع بيتا يحتوي على ذلك، فلم يتيسّر لنا إلا بيت يكون مملوء ابالتشبيه، إلا أنه مضمّن ببيت قبله، يدلّ على معناه، وهو: [الطويل]

أرى شمعة الجلّاس يشبه وصفها ... محبّا من الألّاف بالهجر مقصودا

نحولا ودمعا لا يقرّ ووحدة ... ولونا محيلا واحتراقا وتسهيدا

فلما رأينا أنه لا يتمّ إلا ببيتين عجبنا من اختصار العجم، وعلمنا أنّ ذلك إنّما هو [١٢٥ ظ] لقصدهم المعنى من طريق الإشارة، كما نقصده نحن من طريق الإبانة.

[[خط السيمياء]]

وللزوم خطّ يسمّى السيمياء [١] ، قال لي بعض من دخل القسطنطينية، إنّه خطّ يختصّ بمعرفة الوزراء والعظماء، فاذا جاء الملك كتاب طويل اختصره الوزير في ثلاثة أسطر بذلك القلم، وعرضه عليه، وقد ذكر جالينوس هذا الخط بعينه وسمّاه (السريع) في كتاب: (تعرّف المرء عيوب نفسه) [٢] ، وليس أوقن إلا أنّه خطّ يتضمن أعلاما قد وضعت للدلالة على معاني من طريق الاصطلاح، لا من طريق تطبيق كل معنى بلفظه.

[[أشعار العجم]]

وللعجم على كل حال اقتصار وأشعار، وقد أنشدونا لجماعة منهم


[١] السيمية: كلمة يونانية بمعنى الدلالة أو الرمز أو الإيماء، ويقوم هذا المبحث في أساسه على بحث العلاقة بين حروف الكلمة ودلالتها. (الموسوعة العربية الميسرة ١/١٠٥٧)
[٢] الفهرست ص ٣٤٩: تعريف المرء عيوب نفسه، ترجمة توما وإصلاح حنين.

<<  <   >  >>