للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعفّ وأحمى عند مختلف القنا ... وأعرف بالمسكين أين يبيت

كست أسد إخوانها ولو انّني ... ببلدة إخواني إذن لكسيت

وذلك سنة اثنتين وستين من الهجرة، في أيام يزيد بن معاوية، وأكل أيام بني أمية، ولقيه المنصور اللقاءة الثانية سنة إحدى وأربعين ومائة، فذلك ثمانون سنة، سوى ما كان له من العمر قبل قوله الأبيات الأول، وسوى ما عاشه بعد فراقه أبا جعفر، وهذا من المعمرين.

[[أبو عبد الله النديم وحكاية قطع أذنه]]

إسحاق بن إبراهيم الموصلي [١] المغني الأديب الراوية، عمي آخر عمره، قال أبو عبد الله ابن حمدون النديم [٢] : لقيت إسحاق بن إبراهيم ببغداد بعد ما كفّ بصره، فسألني عن أخبار الناس والسلطان، فعرّفته، ثم شكوت إليه حزني بقطع أذني، فجعل يسليني ثم قال لي: من المتقدم عند أمير المؤمنين والخاص من ندمائه؟ فقلت: محمد بن عمر، فقال: [ومن هذا الرجل] وما مقداره في الأدب؟ فقلت: لا أدري، إلا أنّ مروان بن أبي حفصة [٣] دخل فأنشد المتوكل يوم عقد العهد لأولاده الثلاثة أبياته التي يقول فيها: [٤] [١١١ ظ] [مجزوء الكامل]

بيضاء في وجناتها ... ورد فكيف لنا بشمّه

فسرّ بذلك سرورا كثيرا، وأمر فنثر عليه بدرة دنانير، ولقطت وجعلت في حجره، وعقد له على اليمامة والبحرين، فقال مروان: ما رأيت كاليوم،


[١] إسحاق الموصلي: أبو محمد ابن النديم المتوفى سنة ٢٣٥ هـ. سبقت ترجمته.
[٢] الرواية في وفيات الأعيان ١/٤١١، من زيادات نسخة وستنفيلد، مع خلاف في اللفظ يسير، وفيه: أبو عبد الله بن أحمد بن حمدون النقيب، وليس النديم.
النديم: أبو عبد الله ابن حمدون، له أخبار كثيرة في الأغاني، راوية ونديم، وله أخبار مع الخلفاء والشعراء في مواضع شتى من معجم الأدباء والأغاني.
[٣] مروان بن أبي حفصة: سبقت ترجمته.
[٤] لم يرد البيت في ديوان مروان بن أبي حفصة، ط- دار الكتاب العربي، بيروت. ١٩٩٣

<<  <   >  >>