للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعيني جؤذر [١] ، ملتمسا كتابا إلى الديلم [٢] ، قلت خبّرني أولا عن نفسك؟

قال: سئمت العيش، وجلت كثيرا، فأشار عليّ من رحمني بقصد كربلاء، والتوسل بساكنيه عليهم السلام، فاعتكفت في قبّة المصرع ثلاثا، أصومها نهارا، وأقومها ليلا، وأجأر إلى مواليّ [٩٢ و] صلوات الله عليهم، وأتضرّع، فرأيت في الليلة الثالثة طيرا أبيض قد طلع من خوخة [٣] هناك وصفها لي، وقد رأيتها وأنا بين النائم واليقظان، فهبط عليّ ومسح بأحد جناحيه عيني، فانتبهت كما ترى.

وليس هذا من الباب الذي قصدنا، وإياه أردنا، ولكنه يتعلق منه بسبب، والحديث ذو شجون.

[[فضائل البيت العتيق]]

فأما فضائل البيت المعمور ومناقبه ومعجزاته ومفاخره، وما ورد فيه من الآيات المسطورة في الكتاب المنزل، والأحاديث المأثورة عن النبي المرسل، صلوات الله عليه وآله، فلو جعلنا صفحات الأرض قرطاسا، ومهابّ الرياح الأربع ألفاظا وأنفاسا، ثم أردنا جمعه على استقصاء أبوابه، واستيفاء شوارده، لما بلغنا المعشار منه، وإنما الشرط أن نذكر ما أدركه العيان والمشاهدة، ونتوخّى الإيجاز [٤] ، حتى لا تخرج هذه الرسالة عن نمط الترسل، وتنتهي إلى حد التعمّل، وبالله التوفيق.

قال الله عز وجل ذاكرا شرفه وقدمه: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ

الآية [٥] ، وقال تعالى:


[١] الجؤذر: ولد البقرة الوحشية.
[٢] الديلم: جيل من العجم كانوا يسكنون نواحي أذربيجان.
[٣] الخوخة: كوّة في البيت تؤدي إليه الضوء.
[٤] في الأصل: (الإنجاز) وهو تصحيف.
[٥] آل عمران ٩٦. إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ.

<<  <   >  >>