للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحراقة [١] ، فقال عبد الرحمن القاضي لأهل المبارك: اثنوا عليّ عند أمير المؤمنين، وعند القاضي، فأبوا عليه، فلبس ثيابه وقلنسوة طويلة وطيلسانا أسود، وجاء إلى الشريعة، فلما أقبلت الحراقة، رفع صوته، وقال: يا أمير المؤمنين، نعم القاضي قاضينا، قاضي صدق، ثم مضى إلى شريعة أخرى فقال مثل مقالته الأولى، فالتفت هارون الرشيد إلى أبي يوسف وقال: يا يعقوب، هذا شرّ قاض في الأرض، قاض [٦٨ ظ] في موضع لا يثني عليه إلا رجل واحد، فقال أبو يوسف: وأعجب من هذا يا أمير المؤمنين، هو القاضي يثني على نفسه، قال: فضحك هارون وقال: هذا أظرف الناس، هذا لا يعزل أبدا، فكان إذا ذكره قال: هذا لا يعزل أبدا.

وقيل لأبي يوسف: وتولّي مثل هذا القضاء؟ فقال: إنه أقام ببابي مدة وشكا إلىّ الحاجة فولّيته.

[[الرشيد ومدعي النبوة]]

عبد الرحيم بن موسى الشيباني قال: كنت عند الرشيد، فأدخل إليه رجل في عنقه حبل أسود، وهو مغلول مقيّد يدّعي النبوة، فضحك الرشيد وقال: ما تقول؟ قال: أقول كما قال أخي نوح: (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)

[٢] ، فقال الرشيد:

من أنت من الأنبياء؟ قال: شمعون، قال: يا شمعون، ما حجتك؟ قال:

جعلت فداك، أمرت بالرسالة، ولم أؤمر بالمناظرة، ولو جعلت إليّ مناظرتك


- ولي القضاء ببغداد في أيام المهدي والهادي والرشيد، وهو أول من دعي (قاضي القضاء) ، له كتب منها: (الرأي) ولي القضاء ببغداد في أيام المهدي والهادي والرشيد، وهو أول من دعي (قاضي القضاة) ، له كتب منها (الخراج) ، و (الآثار) ، وهو مسند أبي حنيفة، و (أدب القاضي) ، و (الفرائض) ، و (البيوع) وغيرها، توفي سنة ١٨٢ هـ (أخبار القضاء لوكيع ٣/٢٥٤، النجوم الزاهرة ٢/١٠٧، تاريخ بغداد ٤/٢٤٢، مفتاح السعادة ٢/١٠٠- ١٠٧، وفيات الأعيان ٢/٣٠٣)
[١] الحراقة: ضرب من السفن فيها مرامي نيران، يرمى بها العدو في البحر، وسفينة خفيفة المرّ. (المعجم الوسيط: حرق)
[٢] القمر ١٠.

<<  <   >  >>