للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فان عشت عاشوا خافضين بغبطة ... أذود الرّدى عنهم وإن مت موّتوا

وكم قائل لا يبعد الله داره ... وآخر جذلان يسرّ ويشمت

فتبسّم المعتصم وقال: يا تميم، قد عفوت عن الهفوة، ووهبتك للصّبية، ثم أمر فحلّ وثاقه وخلع عليه، وعقد له ولاية على الفرات وما أخذ أخذه.

[[من سيرة الإمام علي]]

سلمان الفارسي [١] رحمة الله عليه، قال: دخلت على مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، ليلة من الليالي وهو جالس ينظر في حساب، وبين يديه [٨١ و] مصابح يقد فجلست إليه مليّا، فلما فرغ من حسابه أطفأ المصباح وأمر باشعال غيره، فقلت: يا أمير المؤمنين، رأيت عجبا، فقال: يا سلمان، أتراك تشير إلى المصباح، فقلت: أجل، فقال: هو زيت المسلمين وحسابهم، فلما فرغ أطفأته، ثم لبس نعليه وخرج إلى باحة الدار وتبعته، فنظر إلى السماء مليّا وتنفس الصعداء، ثم قال: يا سلمان، إنّ بين جنبيّ علما جمّا، لو أجد له جملة، ثم أنشأ يقول: [٢] [البسيط]

ما أكثر الناس لا بل ما أقلّهم ... الله أعلم أنّي لم أقل فندا

إنّي لأفتح عيني حين أفتحها ... على كثير ولكن لا أرى أحدا


[١] سلمان الفارسي: صحابي متقدم الإسلام، كان يسمي نفسه سلمان الإسلام، أصله من مجوس أصبهان، عاش عمرا طويلا، وتنقل بين قريته جيان والشام والموصل ونصيبين فعمورية، وقرأ كتب الفرس والروم واليهود، وقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب فاستخدموه ثم استعبدوه وباعوه، فاشتراه رجل من قريظة فجاء به إلى المدينة، وعلم بخبر الإسلام فقصد النبيّ صلّى الله عليه وسلم بقباء، فأعانه المسلمون على شراء نفسه من صاحبه اليهودي وأسلم، كان قوي الجسم صحيح الرأي، توفي سنة ٣٦ هـ. (طبقات ابن سعد ٤/٥٣- ٦٧، الإصابة ت ٣٣٥٠، حلي الأولياء ١/١٨٥، تهذيب ابن عساكر ٦/١٨٨، صفة الصفوة ١/٢١٠، الذريعة ١/٣٣٢- ٣٣٣) .
[٢] البيتان في ديوان علي بن أبي طالب ص ٦٣ ط- دار الكتاب العربي، بيروت ١٩٩٨.

<<  <   >  >>