للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[بناء مسجد النبي]]

لما أسس رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد، كان عمّار [١] رضي الله عنه يومئذ ينقل لبنتين لبنتين، وكان رسول الله صلى الله عليه يمسح رأسه من التراب، ويقول: (يا ويحك يا ابن سميّة تقتلك الفئة الباغية) [٢] .

وكان عثمان رجلا نظيفا متنظفا يجافي اللبنة عن ثوبه إذا حملها، وينفض كمّه إذا وضعها، فقال عليّ عليه السلام: [٣] [الرجز]

لا يستوي من يعمر المساجدا ... يدأب فيها قائما وقاعدا

ومن يرى عن الغبار حائدا

فعلقها عمّار يرتجز بها، فقال عثمان: يابن سميّة، ما أعرفني بمن تعرّض، ومعه جريدة [١٣٦ و] فقال: والله لتكفّنّ أو لأعترضنّ بها وجهك، فسمعها رسول الله صلى الله عليه، وهو جالس في ظلّ، فقال: (إنّ عمّارا جلدة ما بين عيني وأنفي، وإذا بلغ من المرء ذلك فقد بلغ) [٤] .

قال صلى الله عليه وسلم: (سدوا هذه الأبواب الشوارع في المسجد، إلا باب أبي بكر [٥] فاني لا أعلم أحدا أفضل عندي يدا في الصحابة من أبي


[١] عمّار بن ياسر بن عامر الكناني المذحجي العنسي القحطاني: أبو اليقظان، صحابي من الولاة الشجعان ذوي الرأي، وهو أحد السابقين إلى الإسلام والجهر به، هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلقبه (الطيب بن الطيب) وفي الحديث: (ما خيّر عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما، وهو أول من بنى مسجدا في الإسلام (بناه في المدينة وسماه قباء) ، وولاه عمر الكوفة، وشهد الجمل وصفين مع عليّ، وقتل في صفين وعمره ثلاث وتسعون سنة، قتل سنة ٣٧ هـ. (الإصابة ت ٥٧٠٦، حلية الأولياء ١/١٣٩، ذيل المذيل ص ١١، صفة الصفوة ١/١٧٥، الطبري ٦/٢١، المحبر ص ٢٨٩، ٢٩٦)
[٢] السيرة النبوية ١/٤٩٦- ٤٩٧، البداية والنهاية ٧/٢٧١.
[٣] الرجز في السيرة النبوية ١/٤٩٧، وديوان علي بن أبي طالب ص. ٦٢
[٤] السيرة النبوية ١/٤٩٧.
[٥] الحديث في السنة لابن أبي عاصم ٢/٥٧٩، تغليق التعليق لابن حجر العسقلاني ١٠٨٥، ١٠٨٦.

<<  <   >  >>