للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة البصيرة، وباشروا أرواح اليقين، واستلانوا ما استوعر المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة [٤ ظ] إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم، انصرف إذا شئت)) [١]

[من خطب النبيّ صلى الله عليه وسلم]

خطب رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: [٢] (يا أيها الناس، كأن الموت على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذين نشيّع من الأموات سفر، عمّا قليل إلينا راجعون، نبوّؤهم أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنّا مخلّدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة، وأمنّا كلّ جائحة [٣] ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق في مال اكتسبه من غير معصية، ورحم أهل الضّرّ والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن ذلّ في نفسه، وحسنت خليقته، وصلحت سريرته، وزالت عن الناس شرّته، طوبى لمن عمل بعلم، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السّنّة، ولم يعدها إلى بدعة) .

أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام: «يعزّ عن الشيء إذا منعته لعلمك بقلة ما يصحبك إذا أعطيته» .

[[قال الأصمعي]]

الأصمعي [٤] قال: قلت لأعرابي: ما الذي غيرك؟ قال: سوء الغذاء،


[١] في النهج: (انصرف يا كميل إذا شئت) .
[٢] الخطبة في صبح الأعشى ١/٢١٣، وجمهرة خطب العرب ١/١٥٣ مع خلاف يسير في اللفظ.
[٣] الجائحة: الأمر المهلك، الجوح: الإهلاك والاسئصال، كالاجتياح.
[٤] الأصمعي: عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد، رواية وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان، كان كثير التطواف في البراري يقتبس علومها

<<  <   >  >>