للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدثنا القاضي التراسي حين بدأنا بالبادية، سائرين من القادسية، قال:

جرت البارحة بيني وبين طائفة من بلدي منازعة، فقال غمر من أغمارهم: هذا دهليز المنيّة، وأول أبواب الشقوة، ومفتاح التغرير بالمهجة، فقلت: كلا، بل هو باب الرحمة والطريق إلى الجنة، وفاتحة العفو والمغفرة، قال: فهوّمت في محملي، وفي قلبي هاجس من ذلك، فأريت أرض البادية كلها كصفائح الفضّة المجلوّة، والسيوف البواتر المصقولة، أو كالصرح الممرّد بعجيب الصنعة، وعن اليمين والشمال قباب شامخة، وقناديل معلّقة زاهرة، وكأنّ هاتفا يهتف بي ويقول: ما قلت اليوم وما قيل لك؟ فأعدت ما جرى، فقال:

القول ما قلته، فسكن روعي وقلت: ما هذه القناديل والقباب؟ قال: هي للحاج كل سنة.

[[في الطريق إلى مكة]]

المنازل بين همذان [١] ومكة وأوصافها سرنا منها إلى أسد آباذ [٢] ، وإلى قصر اللصوص [٣] وإلى العيون [٤] ،......


[١] همذان: أكبر مدينة بالجبال، وكانت أربعة فراسخ في مثلها، طولها من الجبل إلى قرية يقال لها زينوآباذ، فتحت سنة ٢٤ هـ. (ياقوت: همذان)
[٢] أسد اباذ: مدينة بينها وبين همذان مرحلة واحدة نحو العراق، وبينها وبين مطابخ كسرى ثلاثة فراسخ، وإلى قصر اللصوص أربعة فواسخ، قيل: إنها بلدة عمّرها أسد بن ذي السرو الحميري في اجتيازه مع تبّع، فنسبت إليه.
(ياقوت: أسد اباذ)
[٣] قصر اللصوص: قال صاحب الفتوح: لما فتحت نهاوند، سار جيش من جيوش المسلمين إلى همذان فنزلوا كنكور، فسرقت دوابّ من دواب المسلمين، فسمّي يومئذ قصر اللصوص، وبقي اسمه إلى الآن، وهو في الأصل موضع قصر كنكور، وهو قصر شيرين، وكان هذا القصر معقل أبرويز ومسكنه ومتنزهه. (ياقوت: قصر اللصوص)
[٤] العيون: مواضع من أشهرها عند العرب، قال السكوني: من واسط إلى مكة طريق يخرجون إليه من واسط فينزلون العيون، وهي صماخ وأدم ومشرجة، وبالبحرين موضع يقال له العيون. (ياقوت: العيون)

<<  <   >  >>