مدينة طيّبة كثيرة الخيرات وافرة الغلّات صحيحة الهواء عذبة الماء طيبة التربة، لا تدخلها الحيّات والعقارب ولا شيء من الحيوانات المؤذية.
من عجائبها ما ذكر أنّه في رستاقها عنب كلّ حبّة منها عشرة مثاقيل، وتفّاح دورته شبران.
ينسب إليها الحسين بن منصور الحلّاج، صاحب الآيات والعجائب.
فمن المشهور أنّه كان يركب الأسد ويتّخذ الحيّة سوطا، وكان يأتي بفاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، ويمدّ يده إلى الهواء ويعيدها مملوءة دراهم أحدية: قل هو اللّه أحد، مكتوب عليها. ويخبر الناس بما في ضمائرهم وبما فعلوا. وحكي أنّه خرج يوما من الحمّام، فلقيه بعض من ينكره صفعه في قفاه صفعة قويّة، فقال له: يا هذا لم صفعتني؟ قال: الحقّ أمرني بذلك! فقال: بحقّ الحقّ أردفها بأخرى! فلمّا رفع يده للصفع يبست! فلمّا ظهر قوله أنا الحقّ أنكره الناس وتكلّموا فيه، وقالوا: قل أنا على الحقّ! فقال:
ما أقول إلّا أنا الحقّ! وسمع منه أشعار مثل قوله:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا … نحن روحان حللنا بدنا
ومثل قوله:
عجبت منك ومنّي … أفنيتني بك عنّي
أدنيتني منك حتّى … ظننت أنّك أنّي
فلمّا سمع أمثال هذه بعض الناس أساؤوا الظنّ فيه. حكى أبو القاسم بن كجّ أن جمعا من الصوفية ذهبوا إلى الحسين بن منصور وهو بتستر، وطلبوا منه شيئا، فذهب بهم إلى بيت نار المجوس فقال الديراني: ان الباب مغلق ومفتاحه عند الهربد! فجهد الحسين فلم يجبه، فنفض الحسين كمّه نحو القفل فانفتح، فدخلوا البيت، فرأوا قنديلا مشتعلا لا ينطفئ ليلا ولا نهارا، فقال: انّها