وحكي أن حبسه كان في عهد المقتدر باللّه، وكان الوزير حامد بن العبّاس سيء الظنّ فيه، فأحضر عند الوزير وقاضي القضاة أبي عمرو وقالوا له:
بلغنا أنّك قلت: من كان له مال يتصدّق به على الفقراء خير من أن يحجّ به! فقال الحسين: نعم! أنا قلت ذلك! فقالوا له: من أين قلت هذا؟ فقال:
من الكتاب الفلاني! فقال القاضي: كذبت يا زنديق! ذلك الكتاب سمعناه فما وجدنا فيه هذا! فقال الوزير للقاضي: اكتب انّه زنديق! فأخذ خط القاضي وبعث إلى الخليفة فأمر الخليفة بصلبه، ولمّا أخرج استدعى بعض الحجّاب وقال:
إني إذا أحرقت يأخذ ماء دجلة في الزيادة حتى تكاد تغرق بغداد، فإذا رأيتم ذلك خذوا شيئا من رمادي واطرحوه في الماء ليسكن! وكان ينشد هذين البيتين:
اقتلوني يا ثقاتي، إنّ في موتي حياتي … ومماتي في حياتي، وحياتي في مماتي
والذي حيّ قديم غير مفقود الصّفات … وأنا منه رضيع في حجور المرضعات
وحكي أن بعض من كان ينكره لمّا صلب وقف بإزائه يقول: الحمد للّه الذي جعلك نكالا للعالمين وعبرة للناظرين! فإذا هو بالحسين ورآه واضعا يديه على منكبيه يقول: ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم!
فلمّا صلب وأحرق أخذ الماء في الزيادة حتى كادت تغرق بغداد! فقال الخليفة:
هل سمعتم من الحلّاج فيه شيئا؟ قال الحاجب: نعم يا أمير المؤمنين إنّه قال كذا وكذا. فقال: بادروا إلى ما قال! فطرحوا رماده في الماء فصار رماده على وجه الماء على شكل اللّه مكتوبا وسكن الماء. وكان ذلك في سنة تسع وثلاثمائة، واللّه الموفق.