القبلي حجر مدوّر شبه درقة منقطة بأبيض وأحمر، قالوا: بذل الفرنج فيه أموالا فلم يجابوا إليه. وللجامع أوقاف كثيرة وديوان عظيم، وعليها أرزاق كثير من الناس، منهم صنّاع يعملون القسيّ والنبال للجامع ويذخرونها ليوم الحاجة، ذكروا أن دخل الجامع كلّ يوم ألف ومائتا دينار، يصرف المائتان إلى مصالح الجامع والباقي ينقل إلى خزانة السلطان.
وأهل دمشق أحسن الناس خلقا وخلقا وزيّا، وأميلهم إلى اللهو واللعب، ولهم في كلّ يوم سبت الاشتغال باللهو واللعب. وفي هذا اليوم لا يبقى للسيّد على المملوك حجر، ولا للوالد على الولد، ولا للزوج على الزوجة، ولا للأستاذ على التلميذ، فإذا كان أوّل النهار يطلب كلّ واحد من هؤلاء نفقة يومه، فيجتمع المملوك بإخوانه من المماليك، والصبي بأترابه من الصبيان، والزوجة بأخواتها من النساء، والرجل أيضا بأصدقائه، فأمّا أهل التمييز فيمشون إلى البساتين ولهم فيها قصور ومواضع طيّبة، وأمّا سائر الناس فإلى الميدان الأخضر، وهو محوّط فرشه أخضر صيفا وشتاء من نبت فيه، وفيه الماء الجاري.
والمتعيّشون يوم السبت ينقلون إليه دكاكينهم. وفيها حلق المشعبذين والمساخرة والمغنّين والمصارعين والفصّالين. والناس مشغولون باللعب واللهو إلى آخر النهار، ثمّ يفيضون منها إلى الجامع ويصلّون بها المغرب ويعودون إلى أماكنهم.
بها جبل ربوة، جبل على فرسخ من دمشق؛ قال المفسرون: إنّها هي المذكورة في قوله تعالى: وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين. وهو جبل عال عليه مسجد حسن في وسط البساتين، ولمّا أرادوا إجراء ماء بردى وقع هذا الجبل في الوسط، فنقبوا تحته وأجروا الماء فيه، ويجري على رأسه نهر يزيد، وينزل من أعلاه إلى أسفله. وفي المسجد الذي على أعلى الماء الجاري. وله مناظر إلى البساتين، وفي جميع جوانبه الخضرة والأشجار والرياحين.
ورأيت في المسجد في بيت صغير حجرا كبيرا ذا ألوان عجيبة، حجمه كحجم صندوق مدوّر، وقد انشقّ بنصفين وبين شقّيه مقدار ذراع، لم ينفصل