مقدّسة جاد الرّبيع بلادها … ففي كلّ أرض روضة وغديرها
ومن خواص الشام أن لا تخلو عن الأولياء الأبدال الذين يرحم اللّه ويعفو بدعائهم، لا يزيدون على السبعين ولا ينقصون عنها، كلّما مات واحد منهم قام من الناس بدله، ولا يسكنون إلّا جبل اللّكّام!
ومن خواصها الطاءات الثلاث: الطعن والطاعون والطاعة. أمّا طاعونها فنعوذ باللّه منه، وأمّا طعنها فمشهور أن أجنادها شجعان، وأمّا طاعتها للسلطان فممّا يضرب به المثل حتى قيل: إنّما تمشّى الأمر لمعاوية لأنّه كان في أطوع جند، وعليّ كان في أعصى جند وهم أهل العراق!
وبالشام من أنواع الفواكه في غاية الحسن والطيب، وتفاحها كان يحمل إلى العراق لأجل الخلفاء. وكذلك الزيت الركابي فإنّه في عاية الصفاء، وأهل الشام ينسبون إلى الجلافة وقلّة الفطنة!
حكى ابن أبي ليلى أنّه كان يساير رجلا من وجوه أهل الشام، فمرّ بحمّال معه سلّة رمّان فأخذ منها رمّانة جعلها في كمّه، فتعجبت من ذلك ثمّ رجعت إلى نفسي وكذبت بصري حتى مرّ بسائل فقير، فأخرجها من كمّه وأعطاه، فعلمت أني رأيتها وسألته عن ذلك، فقال: أما علمت أن الأخذ سيئة واحدة والإعطاء عشر حسنات فكسبت تسعة؟
قال صاحب تحفة الغرائب: في بادية الشام شجرة إذا نظر الناظر إليها رأى أوراقها كالسرج المشعولة، وكلّما كان الليل أظلم كان الضوء أشدّ. وإذا هشّ الورق لا يرى شيء من الضوء.
وحكى عبد الرحمن القشيري أن امرأة شريك بن خباسة قالت: خرجنا مع عمر بن الخطّاب إلى الشام، فنزلنا موضعا يقال له القليب، فذهب شريك ليستقي فوقعت دلوه في البئر، فلم يقدر على أخذها لزحمة الناس، فأخّر إلى الليل وأبطأ، فأخبر عمر فأقام ثلاثا، فإذا شريك أقبل ومعه ورقة خضراء فقال: