والوقايات الرقاع، وكذلك في عمل السكاكين والنصول والأقفال الجيّدة تحمل منها إلى سائر البلاد، وبقربها دشت الأرزن الذي يقول فيه المتنبي:
سقيا لدشت الأرزن الطّوال!
به من الصيد ما لا يعدّ ولا يحصى. كان متصيّد عضد الدولة. ومن خواصّه انّه ينبت عصيّا صلبة الخشب ارزنية لا توجد تلك الخشبة إلّا بها، وهي مشهورة تسمّى خشبة الأرزن.
ينسب إليها قاضيها أبو العبّاس أحمد بن سريج، أحد المجتهدين على مذهب الإمام الشافعي، يقال له البازي الأشهب، مصنّفاته تزيد على أربعمائة، ينصر مذهب الشافعي، وكان يناظر أبا بكر محمّد بن داود فقال له أبو بكر: بلّعني ريقي! فقال له: ابلعتك دجلة! وقال له يوما آخر: امهلني ساعة! فقال:
أمهلتك إلى قيام الساعة! وقال له يوما: أكلّمك من الرّجل وتجيبني من الرأس! فقال: هكذا البقر إذا حفيت أظلافها دهن قرنها! وذكر الوليد بن حسّان قال:
كنّا في مجلس القاضي أبي العبّاس أحمد بن سريج، فقام إليه رجل من أهل العلم وقال: ابشر أيّها القاضي! فإن اللّه تعالى يبعث على رأس كلّ مائة من يجدّد دينه، وان اللّه قد بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين محمّد بن إدريس الشافعي، وبعثت على رأس الثلاثمائة، وأنشأ يقول:
اثنان قد مضيا فبورك فيهما: … عمر الخليفة ثمّ نجل السؤدد
والشّافعيّ الألمعيّ محمّد … إرث النّبوّة وابن عمّ محمّد
ابشر أبا العبّاس! إنّك ثالث … من بعدهم، سقيا لتربة أحمد
وحكي أن أبا العبّاس أحمد بن سريج رأى في مرض موته كأنّ القيامة قد قامت، وإذا الجبّار سبحانه يقول: أين العلماء؟ فجاؤوا بهم. فقال: ماذا عملتم بما علمتم؟ فقالوا: يا ربّ قصّرنا وأسأنا! فأعاد السؤال مرّة أخرى كأنّه