وادّعى النبوّة منهم كثيرون. ولمّا قتل مصعب بن الزبير، أرادت زوجته سكينة بنت الحسين الرجوع إلى المدينة، فاجتمع عليها أهل الكوفة وقالوا:
حسن اللّه صحابتك يا ابنة رسول اللّه! فقالت: لا جزاكم اللّه عني خيرا ولا أحسن إليكم الخلافة! قتلتم أبي وجدّي وعمّي وأخي! أيتمتوني صغيرة وأرملتموني كبيرة!
تظلّم أهل الكوفة إلى المأمون من واليهم فقال: ما علمت من عمّالي أعدل وأقوم بأمر الرعيّة منه! فقال أحدهم: يا أمير المؤمنين ليس أحد أولى بالعدل والانصاف منك! فإن كان هو بهذه الصفة فعلى الأمير أن يوليّه بلدا بلدا ليلحق كلّ بلدة من عدله ما لحقناه، فإذا فعل الأمير ذلك لا يصيبنا أكثر من ثلاث سنين! فضحك المأمون وأمر بصرفه.
ينسب إليها الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، كان عابدا زاهدا خائفا من اللّه تعالى. ودعي أبو حنيفة إلى القضاء فقال: إني لا أصلح لذلك! فقيل: لم؟ فقال: إن كنت صادقا فلا أصلح لها، وإن كنت كاذبا فالكاذب لا يصلح للقضاء. وأراد عمر بن هبيرة أبا حنيفة للقضاء فأبى، فحلف ليضربنّه بالسياط على رأسه وليحبسنّه، ففعل ذلك حتى انتفخ وجه أبي حنيفة ورأسه من الضرب، فقال: الضرب بالسياط في الدنيا أهون من مقامع الحديد في الآخرة!
قال عبد اللّه بن المبارك:
لقد زان البلاد ومن عليها … إمام المسلمين أبو حنيفة
بآثار رفقه في حديث … كآيات الزّبور على الصّحيفه
فما إن بالعراق له نظير … ولا بالمشرقين ولا بكوفه
وحكي أن الربيع صاحب المنصور كان لا يرى أبا حنيفة، فقال له يوما: