يا أمير المؤمنين، هذا أبو حنيفة يخالف جدّك عبد اللّه بن عبّاس، فإن جدّك يقول إذا حلف الرجل واستثنى بعد يوم أو يومين جاز، وأبو حنيفة يقول:
لا يجوز! فقال أبو حنيفة: هذا الربيع يقول ليس لك في رقاب جندك بيعة! قال: كيف؟ قال: يحلفون عندك ويرجعون إلى منازلهم يستثنون فتبطل اليمين! فضحك المنصور وقال: يا ربيع لا تتعرّض لأبي حنيفة. فلمّا خرج من عند المنصور قال له الربيع: أردت أن تشطّ بدمي! قال: لا، ولكنك أردت أن تشطّ بدمي فخلّصتك وخلّصت نفسي! وحكى قاضي نهروان أن رجلا استودع رجلا بالكوفة وديعة ومضى إلى الحجّ. فلمّا عاد طلبها، فأنكر المودع وكان يجالس أبا حنيفة، فجاء المظلوم وشكا إلى أبي حنيفة فقال له:
اذهب لا تعلم أحدا بجحوده! ثمّ طلب الظالم وقال: إن هؤلاء بعثوا إليّ يطلبون رجلا للقضاء فهل تنشط لها؟ فتمانع الرجل قليلا ثمّ رغب فيها. فعند ذلك بعث أبو حنيفة إلى المظلوم وقال: مرّ إليه وقل له: أظنّك نسيت، أليس كان في يوم كذا وفي موضع كذا؟ فذهب المظلوم إليه وقال ذلك، فردّها إليه. فجاء الظالم إلى أبي حنيفة يريد القضاء فقال: نظرت في قدرك أريد أن أرفعه بأجلّ من هذا.
وذكر أنّ أبا العبّاس الطوسي كان سيء الرأي في أبي حنيفة، وأبو حنيفة يعلم ذلك. فرآه يوما عند المنصور فقال: اليوم اقتل أبا حنيفة! فقال له: يا أبا حنيفة، ما تقول في أن أمير المؤمنين يدعو أحدا إلى قتل أحد، ولا ندري ما هو، أيسع لنا أن نضرب عنقه؟ قال أبو حنيفة: يا أبا العبّاس، الأمير يأمر بالحقّ أو بالباطل؟ قال: بالحقّ! قال: انفذ الحقّ حيث كان ولا تسأل عنه! ثمّ قال لمن كان بجنبه: هذا أراد أن يوبقني فربطته! توفي سنة خمسين ومائة عن اثنتين وسبعين.
ينسب إليها أبو عبد اللّه سفيان بن سعيد الثوري منسوب إلى ثور أطحل، كان من أكثر الناس علما وورعا. وكان إماما مجتهدا، وجنيد البغدادي يفتي على