وحكي انّه اشترى كرّ لوز بستّين دينارا، وكتب في دستوره ثلاثة دنانير ربحه، فارتفع الربح وصار اللوز بتسعين دينارا. فأتاه الدلال وأخبره انّه بتسعين دينارا فقال: اني عقدت عقدا بيني وبين اللّه تعالى اني أبيعه بثلاثة وستّين لأجله لست أبيعه بأكثر من ذلك! فقال الدلال: واني عقدت عقدا بيني وبين اللّه تعالى اني لا أغش مسلما! توفي السري سنة إحدى وخمسين ومائتين.
وينسب إليها أبو القاسم الجنيد بن محمّد بن الجنيد. أصله من نهاوند ومولده بغداد. كان أبوه زجّاجا وكان هو خرّازا. صحب الحرث المحاسبي وخاله السري السقطي. وكان الجنيد يفتي على مذهب سفيان الثوري. كان ورده في كلّ يوم ثلاثمائة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة. وعن جعفر الخلدي أن الجنيد عشرين سنة ما كان يأكل في كل أسبوع إلا مرّة.
حكى أبو عمرو الزجاجي قال: أردت الحجّ فدخلت على الجنيد فأعطاني درهما شددته في مئزري، فلم أنزل منزلا إلّا وجدت رزقا فما احتجت إلى إخراج الدرهم؛ فلمّا عدت إلى بغداد ودخلت عليه مدّ يده وأخذ الدرهم.
وحكى بعض الهاربين عن ظالم قال: رأيت الجنيد واقفا على باب رباطه فقلت: يا شيخ أجرني أجارك اللّه! فقال: ادخل الرباط. فدخلت فما كان إلّا يسيرا حتى وصل الطالب بسيف مسلول فقال للشيخ: أين مشى هذا الهارب؟ فقال الشيخ: دخل الرباط. فمرّ على وجهه وقال: تريد أن تقويّه عليّ! قال الهارب: قلت للشيخ كيف دللته عليّ، أليس لو دخل الرباط قتلني؟ فقال الشيخ: وهل نجوت إلّا بقولي دخل الرباط؟ فما زال منّا الصدق ومنه اللطف.
وحكي أن رجلا أتى الجنيد بخمسمائة دينار، وكان هو جالسا بين أصحابه، وقال له: خذ هذا وأنفق على أصحابك. فقال له: هل لك غيرها؟ قال:
نعم لي دنانير كثيرة! قال: فهل تريد غيرها؟ قال: نعم. قال: خذها إليك فأنت أحوج إليها منّا.
قال أبو محمّد الجزري: لمّا كان مرض موته كنت على رأسه وهو يقرأ