أبدا مثل السحاب المتراكم، لا ينحسر شتاء ولا صيفا، ويخرج من أسفله نهر ماؤه أصفر كبريتي، فذكر الجماعة أنّهم وصلوا إلى قلّته في خمسة أيّام وخمس ليال، فوجدوا قلّته نحوا من مائة جريب مساحة، على أن الناظر إليها من أسفله يراها كالمخروط. قالوا: وجدنا رملا تغيب فيه الأقدام، وانّهم لم يروا عليها دابّة ولا أثر حيوان، وان الطير لا يصل إلى أعلاها والبرد فيها شديد والريح عاصف. وانّهم عدّوا سبعين كوّة يخرج منها الدخان الكبريتي، ورأوا حول كلّ ثقب من تلك الكوى كبريتا أصفر كأنّه ذهب، وحملوا معهم شيئا منه. وذكروا أنّهم رأوا على قلّته الجبال الشامخة مثل التلال، ورأوا بحر الخزر كالنهر الصغير، وبينهما عشرون فرسخا.
وبها جبل ساوة وهو على مرحلة منها. رأيته جبلا شامخا إذا أصعدت عليه قدر غلوة سهم رأيت ايوانا كبيرا يتسع لألف نفس، وفي آخره قد برز من سقفه أربعة أحجار شبيهة بثدي النساء، يتقاطر الماء من ثلاثة والرابع يابس.
أهل ساوة يقولون: انّه مصّه كافر فيبس! وتحتها حوض يجتمع فيه الماء الذي يتقاطر منها، وعلى باب الإيوان ثقبة لها بابان، وفيها انخفاض وارتفاع؛ يقول أهل ساوة: ان ولد الرشدة يقدر أن يدخل من باب ويخرج من الآخر وولد الزنية لا يقدر!
وبها جبل كركس كوه جبل دورته فرسخان في مفازة بين الري وألقم، وهو جبل وعر المسلك في مفازة بعيدة عن العمارات، في وسطه ساحة فيها ماء، والجبال محيطة بها من جميع جوانبها، فمن كان فيها كأنّه في مثل حظيرة.
وسمّي كركس كوه لأن النسر كان يأوي إليه، وكركس هو النسر، فلو اتّخذ معقلا كان حصينا إلّا أنّه في مفازة بعيدة عن البلاد قلّما يجتاز بها أحد.
وبها جبل نهاوند، وهو بقرب نهاوند، قال ابن الفقيه: على هذا الجبل طلسمان صورة سمك وثور، قالوا: إنّهما لأجل الماء لئلّا يقلّ ماؤه، وماؤه ينقسم قسمين: قسم يجري إلى نهاوند، والآخر إلى الدينور.